حكم صلاة المضطر بسوء الاختيار
وأمّا صلاة المضطر بسوء الاختيار، الذي وجب عليه الخروج، إمّا أخذاً بأخفّ المحذورين كما عليه الشيخ وصاحب (الكفاية)، وإمّا امتثالاً للحكم الشرعي بوجوب الخروج من باب ردّ مال الغير إلى مالكه… فلها صور:
الصورة الاولى: أن يكون الوقت ضيّقاً بحيث لا يمكنه الصّلاة في خارج المكان، لا الاختيارية ولا الاضطراريّة، فعلى القول بجواز الاجتماع، يأتي بالإضطراريّة في حال الخروج، وهي صحيحة بلا كلام، لكون التركيب انضماميّاً، غير أنها تتّصف بالقبح الفاعلي، لكون الاضطرار بسوء اختيار منه، لكنّ مقتضى القول بوجوب الخروج من باب ردّ المال إلى صاحبه هو عدم الاقتران بذلك.
وأمّا على القول بالامتناع:
فإنَّ قلنا: بعدم شمول قاعدة الامتناع للمقام وأنه من صغريات وجوب ردّ المال إلى مالكه، كانت الصّلاة صحيحة ـ وإن كان التركيب اتحاديّاً ـ لأنّ المفروض بناءً على هذا القول وجوب الخروج بحكم الشارع ولا نهي عن هذا التصرّف أصلاً.
وإنْ قلنا: بأنّ الخروج منهيّ عنه بالنهي السّابق، لكونه تصرّفاً في مال الغير، لكنّ الأجزاء الصّلاتية لا يصدق عليها عنوان التصرّف عرفاً، فهي صحيحة كذلك.
وإنْ قلنا: بحرمة التصرف الخروجي، وأنّ الأجزاء في هذه الصّلاة الاضطرارية يصدق عليها عنوان الغصب… كانت باطلة، لأن المفروض تحقق التركيب الاتحادي بين الغصب والصّلاة، فتكون التصرّفات الصّلاتية منهيّاً عنها، والمنهي عنه لا يصلح للمقربيّة… نعم، بناءً على القاعدة الثانوية، من أن الصّلاة لا تسقط بحال ونحو ذلك، يحكم بصحّتها.
الصورة الثانية: أنْ يتمكن من الصّلاة الاضطرارية خارج المكان. فعلى مسلك الشيخ والميرزا، يصلّي كذلك في حال الخروج وتكون صحيحةً، لأنَّ المفروض وجوب الخروج عليه شرعاً فهو ممتثلٌ للحكم الشرعي، وإطلاق الأمر بالصّلاة شامل لها، فالمقتضي للصحّة موجود والمانع مفقود.
وأمّا على القول بالامتناع وأن هذا الخروج منهي عنه بالنهي السابق، لكونه نحواً من أنحاء التصرف في مال الغير وقد اضطرّ إليه بسوء اختياره، فالتفصيل المتقدّم، من صدق عنوان الغصب على أجزاء الصّلاة الإيمائية وعدم صدقه، والمفروض هو الاتّحاد بين الأجزاء والغصب بناءً على الصّدق… فإنْ صدق وغلب جانب النهي فالصّلاة باطلة… بل عليه أن يخرج ويصلّي الصّلاة الاضطرارية في خارج المكان المغصوب… وفي هذا الفرض، لا تصل النوبة إلى القاعدة الثانوية… وأمّا مع عدم صدق عنوان الغصب، فالصّلاة صحيحة وإنْ كان متمكّناً منها في الخارج.
الصورة الثالثة: أن يتمكّن من الصّلاة الاختيارية في خارج المكان، فهي باطلة فيه على جميع الأقوال. أمّا على القول بالجواز والتركيب الإنضمامي، فلأنّه إن أراد الصّلاة في المكان المغصوب فلا يجوز له إلاّ الاضطرارية في حال الخروج، ومثل هذه الصّلاة لا تجزي عن الاختيارية في المكان المباح مع القدرة عليها والتمكن منها حسب الفرض. وأمّا على القول بالامتناع، فالأمر أوضح حتى لو قلنا بكون الخروج واجباً شرعياً من باب ردّ المال إلى صاحبه، لأن المفروض تمكّنه من الصّلاة الاختيارية في خارج المكان المغصوب.
وهذا تمام الكلام في مسألة اجتماع الأمر والنهي.