حكمه مع التمكّن من الخروج
وأمّا المتمكّن من الخروج، فتارةً: هو متمكّن من الأوّل من الإتيان بالصّلاة كاملةً في خارجه، فلا ريب في وجوب ذلك والإتيان بها في المكان المباح، فلو عصى وبقي في ملك الغير وصلّى هناك، كانت صلاة باطلة على القول بالامتناع، وصحيحة على القول بالجواز مع العصيان.
واخرى: هو متمكّن من الخروج في بعض الوقت، فلو صلّى هناك في الوقت المضطرّ إلى الكون فيه، جاء الخلاف المذكور سابقاً من أنّ الركوع والسجود منه يعتبر تصرّفاً زائداً فتبطل أو لا؟ فعلى القول بالعدم وأنّه تبدّل وضع بوضع فالصّلاة صحيحة، لكونه مضطراً إلى التصرف فلا نهي، فلا مانع عن إطلاق الدليل الآمر بالصّلاة وإنْ كان قادراً على الخروج في الساعة الآتية حسب الفرض. وعلى قول الميرزا: هذه الصّلاة باطلة، لفرض التمكّن من صلاة تامّة… وهذا هو المختار عندنا، لعدم انطباق القاعدة الثانوية هنا، لأن المفروض تمكّنه بعد ساعة من أدائها في مكان مباح تامّة الأجزاء والشرائط، فما ذهب إليه السيد الخوئي من صحّة صلاته هذه حتى بناءً على الامتناع مخدوش.
وثالثة: إنه متمكّن من الخروج لكنْ في آخر الوقت، بحيث لا يمكنه القيام بصلاة المختار في الخارج، فيدور أمره بين الصّلاة التامّة في المكان المغصوب وغير التامة في خارجه.
أمّا على مسلك الميرزا، فيأتي بها في حال الخروج إيماءً، وكذا على مسلك صاحب (الجواهر)، وقد وافقهم السيّد الخوئي فى هذه الصوّرة، لأنّ السجود تصرّف زائد ـ لكونه اعتماداً على الأرض ـ فيومي بدله، والركوع مستلزم للحركة في ملك الغير وهي تصرّف، فيكون مورداً للتزاحم بين الأمر والنهي، ولا ريب في تقدم النهي فليس له أن يركع الركوع الاختياري.
فأشكل عليه شيخنا: بأنكم في الصّورة السّابقة قلتم بجواز الركوع والسجود الاختياريين لكونه مضطرّاً، فما الفرق بين هذه وتلك؟
إن الأحكام العقلية لا تقبل التخصيص، والقاعدة الأوّلية تقتضي المنع عن كلّ تصرّف في ملك الغير، وإذا كان السجود اعتماداً على الأرض فهو في كلتا الصورتين، والركوع إن كان حركةً، والحركة تصرّفٌ، فهو في كلتيهما كذلك، فلا وجه للفرق في حكم الركوع والسجود، نعم، بينهما فرق من حيث أنّه في تلك الصورة كان باقياً في ملك الغير ـ مع قدرته على الخروج ـ فهو عاص، وفي هذه الصّورة تصدر منه معصيتان، لأن خروجه من المكان تصرّف آخر، لكنّ زيادة المعصية كذلك لا أثر لها في حكم الركوع والسجود، وقد عرفت عدم الفرق بالنسبة إليهما.
وعلى الجملة، فالصحيح بناءً على الامتناع وبحسب القاعدة الأولية هو البطلان، لكن القاعدة الثانوية تقتضي الصحة وجواز الإتيان بصلاة المختار.
هذا كلّه، فيما لو لم يكن اضطراره إلى التصرّف في مال الغير بسوء الاختيار.