جواب الأُستاذ
وقد تنظر الأُستاذ في هذا الإشكال، بأنه إن كان مراده: تقدّم الإطلاق الشمولي على البدلي في مورد التعارض، ففيه: إنّه أوّل الكلام، فمن العلماء من يقول في مثله بعدم الترجيح بل التساقط… وهذا على فرض تحقق التعارض كما هو واضح، ولكنْ لا تعارض هنا، لأنه إنّما يكون مع وحدة الموضوع، كما في المجمع بين «أكرم عالماً» و«لا تكرم الفاسق»، أمّا في هذا المقام، فإن الموضوع ـ على القول بالجواز ـ متعدّد، إذ «الصّلاة» غير «الغصب»، فلم يرد الإطلاقان على الموضوع حتى يتحقق التعارض العرفي بينهما.
وإن كان مراده: كون أحدهما تعيينيّاً والآخر تخييرياً، والأوّل هو المقدّم عرفاً. ففيه: إن التخيير في متعلَّق الأمر أي «الصّلاة» عقلي لا شرعي، فإنها واجبة بالوجوب التعييني، غير أنّ العقل يرى كون المكلَّف مخيّراً في إيقاع هذا الفرد من الصلاة أو ذاك، في المسجد أو في الدار، لكون المتعلَّق للأمر هو الطبيعي، وكلّ واحد من أفراده مصداق له ومحقّقٌ للإمتثال… فكبرى دوران الأمر بين التعيين والتخيير وتقدّم الأوّل غير منطقبة على محلّ البحث….
هذا، مضافاً إلى ما تقدَّم من تعدّد الموضوع بناءً على الجواز، والتعارض إنّما يكون مع وحدة الموضوع والمتعلّق لا تعدّده… لأن المفروض أن التركيب بين «الصّلاة» و«الغصبية» انضمامي وليس اتحاديّاً… وكون المجمع بنظر العرف شيئاً واحداً مسامحة منه، وقد تقرّر في محلّه أنْ لا تسامح في تطبيق موضوعات الأحكام الشرعية وأنه لا مرجعيّة للعرف إلاّ في مفاهيم الألفاظ.
وعلى الجملة، فإن التعارض هو تنافي الدليلين بالتضاد أو التناقض، وهو فرع وحدة الموضوع، فإذا تعدّد استحال التنافي.
وبما ذكرنا يظهر ما في الاستدلال بمثل «لا يطاع اللّه من حيث يعصى»، لأنّ مورده صورة اتّحاد الموضوع لا تعدّده، وقد عرفت التعدّد بناءً على القول بالجواز. وأمّا رواية خطاب كميل فمن أخبار كتاب تحف العقول، وهي في كتاب بشارة المصطفى مسندة لكنها ضعيفة السند جدّاً….
ورواية الإنفاق مرسلة، أمّا من حيث الدلالة، فهي دالّة على مدّعى السيّد لو كان «القبول» بمعنى «الإجزاء»، أمّا بناءً على المغايرة بينهما والقول بسقوط الإعادة والقضاء رغم عدم قبول العمل، فلا يتم استدلاله بها… ومقتضى التتبّع والدقة هو هذا الوجه، لأنّ قوله تعالى (إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقينَ)(1) ـ مثلاً ـ لا ينافي صحّة العمل من غير المتّقي إنْ وقع على وجه الصحّة… وكذا في الأخبار الواردة في أبواب قواطع الصلاة، كالخبر الدالّ على عدم قبول صلاة المرأة الناشزة والعبد الآبق(2)… مع أن الصّلاة الواجدة للأجزاء والشرائط منهما صحيحة بلا كلام.
وتلخّص: أن الحقّ عدم ورود الإشكال بناءً على الجواز كما في (الكفاية).
(1) سورة المائدة: الآية 27.
(2) وسائل الشيعة 8 / 348، الباب 27 باب استحباب تقديم من يرضى به المأمومون، الرقم: 1.