تفصيل المحقق العراقي
وللمحقق العراقي(1) تفصيلٌ على أساس مختاره في مسألة تعارض العموم والمفهوم، فهو ـ وإنْ وافق صاحب (الكفاية) في ابتناء البحث على كون حجيّة أصالة الحقيقة من باب التعبد أو الظهور ـ ذكر أنه تارةً: تكون الدلالة على العموم وعلى الاستثناء وضعيّةً، واخرى: هي في كليهما إطلاقية، وثالثةً: هي على العموم بالوضع وعلى الاستثناء بالإطلاق، ورابعة: بالعكس.
فإنْ كانت الدلالة في كليهما بالوضع أو بالإطلاق أصبح الكلام مجملاً، لأنّ الظهورات تتصادم وتسقط، والمرجع الاصول العملية في غير الجملة الأخيرة فإنّها القدر المتيقَّن.
وإنْ كانت الدلالة على العموم بالوضع وعلى الاستثناء بالإطلاق، كانت أصالة العموم بياناً بالنسبة إلى الاستثناء، ويسقط الإطلاق في الاستثناء وتتحكّم أصالة العموم في كلّ الجمل عدا الأخيرة.
وإنْ كانت بالعكس، فإنّ الجهة الوضعية في الاستثناء لا تبقي مجالاً لانعقاد الشمولي الإطلاقي في الجمل، فتسقط أصالة الإطلاق في الكلّ.
وقد أورد عليه الأُستاذ بما يرجع إلى الإشكال المبنائي كذلك، وحاصله: أنه كما أنّ العموم الوضعي يصلح لأنْ يكون بياناً فيمنع من انعقاد الإطلاق في الطرف المقابل، كذلك الإطلاق إذا حفّ بالعموم الوضعي، فإنه يمنع من انعقاد الظهور فيه.
ثم أضاف: بأنّ كلام المحقق العراقي هنا ينافي ما ذهب إليه في مبحث تعارض العموم والمفهوم على أساس قاعدة أنّ التعليقي لا يعارض التنجيزي، والظهور الوضعي تنجيزي والإطلاقي تعليقي، فسواء كان الوضعيٌّ هو المستثنى منه أو المستثنى، فإنّه مقدَّم على الإطلاقي، والقول بأنّ المستثنى الوضعي لا يكون بياناً للمستثنى منه الإطلاقي، تخصيص للقاعدة العقلية المذكورة. فالقول بتصادم الظهورات فيما لو كان كلاهما إطلاقياً باطل، لأنه لا مقتضي للظهور في هذه الصورة حتى يقع التصادم.
(1) نهاية الأفكار (1 ـ 2) 543.