تحقيق الأُستاذ
قال الأُستاذ دام بقاه: لابدّ من التحقيق في نظريّة صاحب (الكفاية) هذه على كلا المسلكين في باب حقيقة الإنشاء: مسلك المشهور من أن الصيغ أسبابٌ موجدة للعناوين المعامليّة من الزوجيّة والملكيّة وغيرها في عالم الإعتبار. وقال الإصفهاني: بل بالوجود اللفظي. وقال النائيني: بل هي آلات والمعاملة ذو الآلة. ومسلك الإعتبار والإبراز وأنّه لا سببيّة ومسببيّة مطلقاً، وعليه السيد الخوئي(1)… وكلام (الكفاية) مردود على كلا المسلكين.
أما على الثاني، فإن الصيغة المعيّنة للمعاملة، إذا صدرت من البائع مثلاً واجدةً للشرائط المعتبرة شرعاً، تصبح موضوعاً لاعتبار الشارع بتبع اعتباره، ثم إن العقلاء يرتّبون الأثر، فلا يوجد في البين سببٌ وتسبّب، بل إن الاعتبار وإبرازه مقدوران للمكلّف ولا مانع من تعلّق النهي به، وبعد تعلّقه يبتني الحكم على المختار في دلالة النهي عن المعاملة على الفساد وعدم دلالته.
لكنّ المحقق الخراساني من القائلين بالمسلك الأوّل فنقول: إن كان المسبّب للصيغة هو الاعتبار الشرعي تمّ كلامه قدس سره، لأنّه لا يعقل النهي عن المسبب إلاّ أن يكون مقدوراً، وذلك لا يتحقّق إلا أن يعتبر الشارع وقوع المعاملة وتحقّقها، وهو مستلزم للصحة. وأمّا إن كان المسبّب هو الاعتبار العقلائي، بأنْ يعتبر العقلاء الزوجيّة إذا تحقق عقد النكاح، فإنّ هذا الاعتبار يحصل حتى مع نهي الشارع، فلا يكون النهي دالاً على الصحّة.
(1) ذهب إلى أنّ الاوامر والنواهي الشرعية اعتبارٌ للاّبديّة في الوجوب والحرمان في الحرمة، وإبراز لذلك بالأمر والنهي. أمّا صيغ العقود ففي البيع مثلاً: اعتبار للملكية وإبراز بالصيغة. وفصّل الأُستاذ، فقال في الأوامر والنواهي بالبعث أو الزجر النسبي، وأمّا في الصيغ فوافق هذا المبنى.