بيان المحاضرات
وفي (المحاضرات) بيان طويل، وملخّصه:
إن للنهي ـ بحسب مقام الثبوت ـ أقساماً أربعة(1)، ولا يخفى أنّه ينشأ عن المفسدة، كما أنّ الأمر ينشأ عن المصلحة، فالملحوظ هو المفسدة والمصلحة، ولا يلحظ اللّفظ، فلو قال «أطلب منك ترك شرب الخمر» كان نهياً، للمفسدة في الشرب، ولو قال: «لا تترك الصّلاة» كان أمراً بالصّلاة للمصلحة فيها.
فتارةً: المفسدة تكون في صرف الترك.
وأُخرى: في كلّ واحد واحد من التروك بنحو العام الإستغراقي.
وثالثة: في مجموع الأفعال.
ورابعة: في المسبب عن الأفعال.
(قال) وكذلك الحال في طرف الأمر.
(قال) وتظهر الثمرة في موردين(2):
(أحدهما) مورد الاضطرار، فلو اضطرّ إلى الفعل أو الترك، وكانت المصلحة في صرف الفعل أو الترك، فإنه بمجرّد حصول فرد من الفعل أو الترك، يسقط الحكم. وأما إذا كان المطلوب بنحو العام الاستغراقي فإن الحكم ينحلُّ، فإذا خولف في مورد بقي بالنسبة إلى غيره من الموارد. أمّا إذا كان المطلوب مجموع الأفعال أو مجموع التروك، فهذا الطلب شخصي ـ بخلاف الأول، فإنه ينحلّ بحسب الأفراد ـ والطلب الشخصي يسقط بترك واحد، لأنه قد كان بنحو العام المجموعي حاملاً للغرض، فإذا عصي فلا يبقى حكم. وأمّا إذا كان متعلّق الغرض هو الشيء المسبب من الأفعال أو التروك، فإنه بالمخالفة بمورد ينتفي حامل الغرض، وبذلك يسقط الغرض، فلا يبقى الحكم.
(والثاني) مورد الشك، فإنه إن كان المطلوب صرف الترك وصدر منه ذلك، ثم شكّ في مطلوبية الطبيعة وعدمها، فلا أثر لهذا الشك، لأنّه حتى لو تيقّن بمطلوبية الطبيعة فإنّها بصرف المخالفة تبقى كما هو واضح.
وإن كان المطلوب كلّ واحد من التروك بنحو العام الاستغراقي، فإنه مع ارتكاب المخالفة في مورد يشك في بقاء التكليف بالنسبة إلى غيره، فيكون مجرى الأصل، لأنه من موارد دوران الأمر بين الأقل والأكثر، والبراءة عقلاً ونقلاً جارية.
وإن كان المطلوب هو العام المجموعي، وارتكب فرداً وشك في أنه ترك للطبيعة أو لا، كان من قبيل دوران الأمر بين الأقل والأكثر الإرتباطيين ـ كأجزاء الصّلاة مثلاً ـ فعلى المبنى، إذ الأقوال هناك ثلاثة، الإحتياط، والبراءة مطلقاً، والتفصيل بين الشرعية فتجري والعقلية فلا تجري، وهذا الثالث مختار (الكفاية).
وإن كان المطلوب هو الشيء المحصّل من مجموع التروك، فلو ارتكب فرداً منها وشك في بقاء التكليف بالنسبة إلى الطبيعة، قيل: بالإشتغال وهو المشهور.
(1) محاضرات في اصول الفقه 3 / 282.
(2) محاضرات في اصول الفقه 3 / 311.