بقي الكلام فيما لو جهل التاريخ
وإنما نحتاج إلى معرفة تاريخ ورود العام والخاص، وأنه قبل حضور وقت العمل أو بعده، من جهة قبح تأخير البيان عن وقت الحاجة، وأمّا بناءً على عدم قبحه إن كان لمصلحة، فلا حاجة. كما تقدّم.
قال في الكفاية: وأمّا لو جهل وتردد بين أنْ يكون الخاص بعد حضور وقت العمل بالعام وقبل حضوره، فالوجه هو الرجوع إلى الاصول العملية(1).
وقد اُشكل عليه(2): بأنّ في فرض ورود الخاص متأخّراً، لا يبقى شكٌ ـ سواء كان ناسخاً أو مخصّصاً ـ حتى يرجع إلى الأصل العملي، وأمّا في الفاصل الزماني ـ إن كان للأصل أثر ـ فالمرجع هو أصالة العموم، للشك في التخصيص. فأين مورد الأصل العملي؟
وأجاب الأُستاذ:
بأنّ مجرى الأصل هو الفاصل بين العام والدليل المتأخّر، لكنْ ليس المرجع هو العام، لأنّ أصالة العموم في الحقيقة هي أصالة عدم التخصيص، فالمرجع هو الأصل العملي….
وقياسه ما نحن فيه على مورد المجمل المردد بين الأقل والأكثر مفهوماً، وأنه يؤخذ بالقدر المتيقَّن من الخاص ويتمسّك بعموم العام في الزائد عليه.
في غير محلّه، لدوران الأمر هناك بين الأقل والأكثر، أما هنا فالأمر دائر بين المتباينين، لأنا نعلم إجمالاً بأحد الأمرين إمّا النسخ وإمّا التخصيص، فلو اريد التمسّك بأصالة العموم لحلّ العلم الإجمالي هذا، كان معناه انحلال العلم الإجمالي بأصالة عدم التخصيص، لكن أصالة عدم النسخ تعارض أصالة عدم التخصيص.
وهذا تمام الكلام في الخاص والعام.
(1) كفاية الاصول: 238.
(2) نهاية النهاية 1 / 305.