النظر في الإشكالات
فأمّا الإشكال الأوّل فوارد.
وأمّا الثاني، فإنّه غير وارد على المحقق الخراساني، لأنّه يرى ـ كما في باب التعادل والتراجيح من (الكفاية)(1) ـ أن التعارض عبارة عن تنافي الدليلين بالتناقض أو بالتضاد، إمّا بالذات وإمّا بالعرض.
والتنافي بالذات بالتناقض، كأن يدلّ أحدهما على الوجوب والآخر على عدم الوجوب.
والتنافي بالتضادّ، كأن يدلّ أحدهما على الوجوب والآخر على الحرمة.
والتنافي بالعرض، كأن لا يكون بين الدليلين أي تناف بالذات، لكنْ يحصل بينهما من جهة دليل من خارج، كما لو دلّ أحدهما على وجوب صلاة الظهر في يوم الجمعة والآخر على وجوب الجمعة، فلا تنافي والجمع ممكن، لكنّ الإجماع على عدم الفريضتين ظهر يوم الجمعة يوجب التنافي بينهما.
والحاصل: إنه إذا كان هذا رأي صاحب (الكفاية) في حقيقة التعارض، فالإشكال المذكور في المبنى… لأنّه لا يرى أن قوام مسألة الاجتماع هو وجود الملاك للحكمين في المجمع، فلو كان أحدهما فاقداً له دخل في باب التعارض، وليس مقصوده من هذا الكلام عدم وجود الملاك لأحدهما في جميع موارد التعارض حتى يرد عليه الإشكال.
وأمّا الثالث: فمندفع كذلك، لعدم الدليل على حصر التعارض بمورد التعارض العرفي، بل الملاك تنافي الدليلين، سواء كان بنظر العرف العام أو بحسب الدقّة العقلية.
وتلخص: انحصار الإشكال على (الكفاية) بالإشكال الأوّل.
(1) محاضرات في اصول الفقه 3 / 404 و 405.