المقدمة الرابعة (لكلّ موجود بوجود واحد ماهيّة واحدة)
قال: إنه لا يكاد يكون للوجود بوجود واحد إلاّ ماهيّة واحدة وحقيقة فاردة، فالمجمع وإنْ تصادق عليه متعلَّقا الأمر والنهي إلاّ أنه كما يكون واحداً وجوداً يكون واحداً ذاتاً (قال): ولا يتفاوت فيه القول بأصالة الوجود أو أصالة الماهيّة. ومنه ظهر عدم ابتناء القول بالجواز والامتناع في المسألة على القولين في تلك المسألة كما توهّم في (الفصول).
قال: كما ظهر عدم الابتناء على تعدّد وجود الجنس والفصل في الخارج وعدم تعدّده، ضرورة عدم كون العنوانين المتصادقين عليه من قبيل الجنس والفصل له.
توضيح ذلك: لقد نسب المحقق الخراساني إلى صاحب (الفصول) القولَ بأنّ مقتضى مبنى أصالة الوجود هو الإلتزام، لأنه بناءً عليه يمكن أن توجد ماهيّة الصّلاة وماهيّة الغصب بوجود واحد، وإذا كان كذلك لزم أن يكون الشيء الواحد متعلَّقاً للوجوب والحرمة معاً، وأما بناءً على أصالة الماهيّة، فإنّ وجود كلّ ماهيّة في الخارج غير وجود الاخرى، وإذا حصل ماهيّتان جاز أن تكون احداهما متعلَّق الوجوب والاخرى متعلَّق الحرمة ولا يلزم الاجتماع.
فأشكل عليه: بأنّ الوجود الواحد يستحيل أن يكون له ماهيّتان، وكذا العكس، فسواء قلنا بأصالة الوجود أو الماهيّة، فإنّ وحدة الوجود تقتضي وحدة الماهيّة وهكذا بالعكس، ولا يتوهّم تنظير ما نحن فيه بوحدة وجود الجنس والفصل، لأنّ نسبة الجنس إلى الفصل هو نسبة القوّة إلى الفعل والماهيّة التامة إلى الناقصة، بخلاف ما نحن فيه، حيث الماهيّتان تامّتان ويستحيل تحقّقهما بوجود واحد.
(قال) وليس الصّلاة والغصب ـ مثلاً ـ من قبيل الجنس والفصل حتى تبتني هذه المسألة على وحدة وجودهما في الخارج فيقال بالامتناع أو تعدّدهما فيقال بالجواز، وذلك: لأنا نمنع القول بتعدّد وجودهما، لأنهما في الحقيقة شيء واحد، والفرق بينهما ليس إلاّ من حيث التحصّل وعدم التحصّل. هذا أوّلاً. وثانياً: لو سلّمنا التعدّد فيهما، فإنّ نسبة الصّلاة إلى الغصب ليس نسبة الجنس إلى الفصل، وإلاّ لزم أنْ لا توجد الصّلاة إلاّ مع الغصب كما لا يتحقق الجنس إلاّ مع الفصل.