المقدمة الاولى (التضادّ بين الأحكام)
قال: لا ريب في أنّ الأحكام الخمسة متضادّة في مرتبة الفعليّة ومرتبة التنجّز، أمّا التي قبل التنجّز والفعلية فلا تضاد…
وهو ـ وإنْ لم يتعرّض هنا إلاّ لمرتبتين هما الإنشاء والفعلية ـ يرى أنّ لكلٍّ حكم من الأحكام الخمسة أربع مراتب:
1 ـ مرتبة الملاك، وهي مرتبة المقتضي للحكم.
2 ـ مرتبة الإنشاء، وهي مرتبة جعل الحكم بنحو القانون.
3 ـ مرتبة التنجّز، وهي مرتبة البعث والزجر.
4 ـ مرتبة الفعلية، وهي مرتبة وصول الحكم إلى المكلَّف وترتب الثواب أو العقاب.
وقد ذكرنا ذلك سابقاً.
فالمقصود من هذه المقدّمة بيانُ وجود التضادّ في المرتبتين: مرتبة التنجّز، فهناك تضادّ بين الطلب الجدّي للفعل والطلب أو الزجر الجدّي للترك، ومرتبة الفعلية ووصول الحكم إلى المكلَّف، فإنه يستحيل فعليّة كلا الحكمين بالنسبة إليه… فالقول بالجواز يستلزم اجتماع الضدّين… فيكون الحكم كذلك تكليفاً محالاً وليس من التكليف بالمحال… ولذا يقول: بأن الاجتماع غير جائز حتّى عند من يقول بجواز التكليف بغير المقدور وهم الأشاعرة، لأنّ الاستحالة ترجع إلى مرحلة التكليف وليست في مرحلة الامتثال، وهذا هو الفرق بين التكليف المحال والتكليف بالمحال.