الكلام في جهة الثبوت
قد يستظهر من بعض العامّة صحّة رجوع الإستثناء إلى الكلّ.
وقال صاحب (الكفاية) ما حاصله: أنّ الاستثناء مفهوم واحد يتحقّق في مورد الإخراج من المتعدّد والإخراج من الواحد، فالإخراج بـ«إلاّ» سواء كان من الأخيرة أو من الكلّ على وزان واحد(1).
وأوضح المحقق الإيرواني في (التعليقة)(2): بأن إخراج «الفساق» من الجملة الأخيرة أو من الجمل كلّها، مصداقٌ لمفهوم الإخراج، ومع المصداقية في كلا الموردين بلا فرق، لا يفرَّق بين وحدة المستثنى منه وتعدّده.
لكنّ الأُستاذ تنظّر في هذا الكلام: بأنّه مع وحدة المصداق كيف يعقل وحدة الخروج وتعدّد الخارج والمخرج منه؟ إنّه بعد إخراج الفسّاق، فإنّ فسّاق العلماء غير فسّاق السّادة وفسّاق الفقراء، كما أنّ العلماء غير السّادة والفقراء، فالإخراج والخروج ـ وإنْ كانا واحداً، لأنّ المصدر واسم المصدر واحدٌ حقيقةً ـ ولكن الخارج في المثال متعدّد وكذا المخرج منه، فالخروج أيضاً متعدّد لا محالة.
وما ذكره المحقق العراقي(3): من أنّ هذا الإشكال إنما يتوجّه إذا كان المخرج ـ في مورد الاستثناء من الجمل ـ بنحو العام الاستغراقي مع تعدّد الإخراج، وأمّا إذا لوحظ بنحو العام المجموعي، كان المخرج منه واحداً والإخراج واحد، فالإشكال مندفع.
لا يجدي، لأنّه لا وجود خارجاً للمجموع، بل الموجود هو الأفراد وتعدّدها ذاتي، نعم، هو من اختراعات الذهن، لكنّ الإستثناء يكون من الوجود الخارجي لا الاعتباري الذهني.
وكذا ما ذكره السيد الحكيم(4) من تجويز قيام النسبة الشخصيّة بالمتعدّد، بأنْ تكون النسبة الشخصيّة منحلّة ضمناً إلى نسب متعددة، كتعلّق الوجوب بالصّلاة المركّبة من أجزاء، فإنّه ينحلّ إلى وجوبات بعدد الأجزاء.
فإنّه لا يمكن المساعدة عليه، لأن الذات التي هي عين التشخّص والجزئية كيف تكون متعدّدة، والتعدّد يقابل التشخّص، فكيف يجتمعان؟ وقياس ما نحن فيه بتعلّق الوجوب بالمتعدّد مع الفارق.
لكنّ الحلّ هو بالقول بعموم الموضوع له الحرف، كما تقدّم في محلّه.
(1) كفاية الاصول: 234.
(2) نهاية النهاية 1 / 301.
(3) نهاية الأفكار (1 ـ 2) 541.
(4) حقائق الاصول 1 / 532.