الدليل العقلي
قال الشيخ ما حاصله: إنا نعلم إجمالاً بورود المخصّصات على عمومات الكتاب والسنّة وأنّ بعضها مخصَّص يقيناً، وهذا العلم يقتضي الفحص عن الأحكام الإلزامية الموجودة في المخصّصات، وهو منجّزٌ من جهة احتمال العقاب على العمل بالعمومات قبل المخصص عن المخصّصات لها ما لم ينحلّ العلم.
وقد اُشكل على هذا الاستدلال، بكونه أخصّ من المدّعى، فإنّه يجري في موارد الأقل والأكثر، والمدّعى أعمُّ من ذلك….
على أن العلم في مورد الأقل والأكثر منحلٌّ بعد الفحص بالمقدار المتيقّن.
فالبيان المذكور مخدوش.
وقد قرّبه الميرزا ببيان آخر(1) وحاصله: أن العلم الإجمالي يكون في ثلاث موارد:
1 ـ العلم الإجمالي المردّد بين المتباينين، وهي القضيّة المنفصلة المانعة للخلوّ، فإمّا هذا الإناء نجس وإمّا ذاك، وهنا لا ريب في تنجيز العلم الإجمالي ما لم ينحلّ.
2 ـ العلم الإجمالي المردّد بين الأقل والأكثر، كأن يشكّ المدين بين الألف والألفين. لكنّ هذا العلم منحلٌّ بل في الحقيقة لا علم إجمالي، بل هي قضيّة متيقّنة واخرى مشكوكة، كما هو الحال في التعارض بين الخبرين بدواً.
3 ـ العلم الإجمالي المردّد بين الأقل والأكثر من جهة وبين المتباينين من جهة اخرى، كما لو علمنا بوجوب الإجتناب إمّا عن هذا الإناء وإمّا عن إنائين، وقال المولى ـ في نفس الوقت ـ بوجوب الإجتناب عن إناءِ زيد، ففي هذه الصورة لابدّ من تعيّن إناء زيد عن طريق من الطرق لوجوب الاجتناب عنه منجّزاً بعنوان إناء زيد، ولا يكفي الإجتناب عنه من جهة كونه طرفاً للعلم الإجمالي المردّد بين الأقل والأكثر، لأنّ هذا العلم ينحلّ بالإجتناب عن الأقلّ، وأمّا إناء زيد فالتكليف به منجَّز، ولابدّ من العثور عليه حتى يجتنب عنه.
وتطبيق هذا على ما نحن فيه هو: إنا نعلم إجمالاً بوجود المخصّصات في الكتب، فهي معنونة بعنوان الكون في الكتب، ونعلم ـ من جهة اخرى ـ بوجود مخصّصات مرددة بين الأقل والأكثر لو عثر على المقدار الأقل منها انحلّ العلم… إلاّ أنّ العثور على الأقل لا يوجب انحلال العلم الإجمالي بوجود المخصّصات بعنوان ما في الكتب.
(1) أجود التقريرات 2 / 355.