المقصد الثاني النواهي
والكلام في جهات:
الجهة الاولى (في معنى مادّة النهي وصيغته)
كلام الكفاية
ذهب المحقق الخراساني(1) وتبعه الميرزا النائيني(2) إلى أن النهي ـ بمادّته وصيغته ـ يدلّ على الطلب، كالأمر بمادّته وصيغته، غير أنّ متعلّق الطلب في الأمر هو الوجود، ومتعلّقه في النهي هو العدم….
قال: نعم هو: إنّ متعلّق الطلب فيه هل هو الكف أو مجرّد الترك وأن لا يفعل؟
قال: والظاهر هو الثاني.
قال: وتوهّم أن الترك ومجرّد أن لا يفعل خارج عن تحت الاختيار، فلا يصح أن يتعلّق به البعث والطلب، فاسد. فإنّ الترك أيضاً يكون مقدوراً، وإلاّ لما كان الفعل مقدوراً وصادراً بالإرادة والاختيار. وكون العدم الأزلي لا بالاختيار، لا يوجب أن يكون كذلك بحسب البقاء والإستمرار الذي يكون بحسبه محلاًّ للتكليف.
فالمختار عنده ما عليه المشهور ـ كما قيل ـ من أن مدلولهما نفس مدلول المادّة والصيغة في الأمر، وهو الطّلب، غير أنّ المتعلّق مختلف، إذ النهي عبارة عن طلب ترك الشيء.
فإن قيل: إن الترك لا يتعلّق به الطلب، لأنه أمر عدمي والعدم لا يتعلّق به غرض، بل الصحيح هو القول بأن النهي طلب كفّ النفس.
فالجواب: أمّا على القول بأن عدم الملكة له حظ من الوجود فواضح، لتعلّق الغرض به. وأمّا على القول بأنه لا حظّ له من الوجود عقلاً، فالجواب: إن الأعدام المضافة إلى الوجود تتعلّق بها الأغراض عقلاءً.
فإن قيل: إنه إذا كان النهي طلب الترك والعدم، فإنّ العدم غير مقدور، ولا يعقل طلب غير المقدور… ولذا يكون المتعلّق هو الكفّ لا الترك.
فأجاب: بأن العدم غير المقدور هو العدم الأزلي لا العدم بحسب البقاء والاستمرار فهو مقدور، والتكاليف إنما هي بحسب البقاء والاستمرار لا بحسب الأزل.
فالإشكالان مندفعان.
(1) كفاية الاصول: 149.
(2) أجود التقريرات 2 / 119.