الجمع المحلّى باللاّم
وقد وقع الخلاف بينهم في دلالته على العموم، فمنهم من أنكر ذلك وقال بأنها مستفادة من القرينة الخارجية كمقدّمات الحكمة، ومنهم من قال بدلالته على العموم وأنه لا حاجة إلى القرينة، فقال بعضهم: بأن الدلالة من اللاّم، وقال آخرون: بأنّها من مجموع اللاّم ومدخولها. وهذا مختار المحقق القمي و(الكفاية). وقيل بأنّ اللاّم تدل على التعيين في الخارج، وذلك لا يكون إلاّ بالدلالة على العموم.
وعلى الجملة، فقد وقع الخلاف بينهم في دلالة الجمع المحلّى باللاّم على العموم أنه بالإطلاق أو بالوضع.
وقد اختار الأُستاذ القول الأوّل، فهي متوقفة على تمامية مقدّمات الحكمة.
وقد ناقش أدلّة القائلين بالقول الثاني، فقال ما حاصله:
إنّ اللاّم غير موضوعة للعموم والاستغراق، ولذا ترد على غير الجمع كما ترد عليه، ولذا أيضاً قسّمت إلى الجنس والإستغراق والعهد… ودعوى أنّ خصوص الداخلة على الجمع دالّة على العموم، فباطلة، إذ ليس لهذه اللاّم وضع على حدة. وكذلك القول بدلالة المركّب منها ومن مدخولها على العموم ـ كما عن الميرزا القمي(1) ـ لعدم وجود وضع للمركّبات غير وضع المفردات… على أنّه لو كان كذلك لزم أن يكون استعمال الجمع المحلّى باللاّم في غير العموم ـ كالعهد مثلاً ـ مجازاً، والحال أنّه لا توجد أيّة عناية في هكذا استعمال.
وأمّا القول بدلالة اللاّم على العموم ـ من جهة كونها موضوعةً للتعريف والإشارة، فلمّا دخلت على الجمع ولا تعيّن لمرتبة من مراتبه، فلابدّ وأنْ يكون المراد هو المرتبة الأخيرة وهو جميع أفراد المدخول ـ فقد نقض عليه في (الكفاية) بأنّه كما لتلك المرتبة تعيّن في الواقع، كذلك للمرتبة الاولى وهي أقل مراتب الجمع أي الثلاثة.
واختار بعض الأصحاب ـ وتبعه في (المحاضرات)(2) ـ الدلالة على المرتبة الأخيرة: بأنّ تعيّن المرتبة الاولى ـ وهي أقل الجمع ـ إنما هو في مقام الإرادة، فإنّا لمّا نقول: أكرم العلماء، فالثلاثة مرادة قطعاً، وإنْ لم يكن لها تعيّن في الخارج وأنّه هل المراد هذه الثلاثة أو تلك؟ بخلاف المجموع، فإنه لا يعقل أن يكون بلا تعيّن في الخارج، إذ العلماء كلّهم متعيّنون في الخارج، فيكون هو المدلول للجمع المحلّى باللاّم.
فأشكل الأُستاذ: بأنّ العمدة في هذا الاستدلال كون اللاّم دالّةً على التعريف والتعيين، وإليه أشار في (المحاضرات) بقوله في آخر كلامه: فإذاً يتعيّن إرادة هذه المرتبة من الجمع، يعني المرتبة الأخيرة دون غيرها، بمقتضى دلالة كلمة اللاّم على التعريف والتعيين، لكنّ القدر المتيقَّن من مقتضى دلالتها هو إفادة التعريف والتعيين للمدخول، أمّا كون التّعيين لمجموع الأفراد أي المرتبة الأخيرة، فلا برهان عليه.
(1) قوانين الاصول: 216.
(2) محاضرات في اصول الفقه 4 / 526.