الثاني (هل يحتاج إفادة العموم إلى مقدّمات الحكمة؟)
قال الميرزا: نعم، لأن الدلالة على العموم بأداته وإنْ كانت وضعيّة إلاّ أنها لا تفيد إلاّ الاستيعاب بالنسبة إلى الأفراد، فلما يقال: «أكرم كلّ عالم» شمل جميع أفراد العالم، ولكنْ هل المراد خصوص العدول منهم أو الأعم؟ فلا دلالة لها عليه، فنحتاج إلى مقدمات الحكمة لإفادة عدم تقيّد المتعلّق بالعدالة وغيرها من العناوين. وعلى الجملة: فإن «كلّ» تفيد الشمول والإستيعاب في الخصوصيّات المفرّدة، وأمّا الخصوصيّات الصنفية والنوعية، فلا دلالة إلاّ بمقدّمات الحكمة.
وقد اُشكل عليه: بأن لازم هذا الكلام أنْ لا يكون عندنا لفظ صريحٌ في العموم، ولكنّ التالي باطل، للفرق الواضح بين العام والمطلق، فالمقدّم مثله.
فأجاب عنه الأُستاذ ـ في الدورتين ـ بإمكان أن يفرّق بين الخصوصيّات الصنفية والنوعية وبين الأفراد، فيقال بعدم كفاية الأداة في الدلالة على العموم في تلك الخصوصيّات وأنه لا صراحة لها فيها إلاّ أن يقال: أكرم كلّ عالم من كلّ صنف، فحينئذ يكون الكلام صريحاً… إذن، يمكن اجتماع الصراحة مع مقدّمات الحكمة، ولا تنافي بينهما.
(قال) فالحق في الإشكال أن يقال: بأنّ إجراء المقدّمات من أجل الدلالة العقليّة مع وجود الأداة الدالّة على العموم لغوٌ، لأنّ إجرائها إنما يكون حيث لا دلالة لفظيّة، والمفروض أنّ كلمة «كل» لها الظهور التام والدلالة الواضحة على إرادة جميع الأفراد بأصنافها وأنواعها، فلا حاجة إلى المقدمات، وإجراؤها لغو.
Menu