الثانية (في أثر الفحص في الموارد المختلفة و الفرق بينها)
تارةً: الموضوع غير مشكوك فيه، وإنما الفحص يكون عمّا ينافي المحمول له، كأنْ يكون خبر الثقة حجة، ثم يفحص عمّا إذا كان له معارض، فهذا فحصٌ في موارد التعارض. واخرى: لا يتحقق الموضوع إلاّ بعد الفحص، وهذا في الاصول العقلية، كقاعدة قبح العقاب بلا بيان، إذ الموضوع فيها ـ وهو عدم البيان ـ لا يتحقق إلاّ بالفحص.
وقد وقع الكلام بينهم في أثر الفحص في موارد العام والخاص والمطلق والمقيد، والفرق بينهما وبين موارد الاصول العملية الشّرعية. فقد قال في (الكفاية): بأنْ الفحص عن المخصص ـ مثلاً ـ فحصٌ عن مزاحم الحجّة وهو العام، أمّا في الاصول الشرعيّة، فهو فحص عن أصل الحجيّة، لأنّ دليل الاستصحاب مثل «لا تنقض اليقين بالشك»(1) ودليل البراءة مثل «رفع ما لا يعلمون»(2) مطلق، يعمّ حالي قبل الفحص وبعده; لكنّ الإطلاق فيهما مقيّد بالإجماع بما بعد الفحص، فكان الموضوع غير محقَّق قبله، فيكون الفحص عن أصل الحجّة. ثم أمر بالفهم.
ولعلّه إشارة إلى أنْ الإجماع المذكور مدركي، والمدرك إمّا العلم الإجمالي الذي ذكره الشيخ أو الروايات مثل «هلاّ تعلَّمت».
(1) وسائل الشيعة 1 / 245، الباب 1 من أبواب نواقض الوضوء، رقم: 1.
(2) وسائل الشيعة 15 / 369، الباب 56 من أبواب جهاد النفس، رقم: 1.