الثالثة: (هل هذه المسألة عقليّة أو لفظيّة؟)
لا خلاف في أنّها اُصولية، فذهب الشيخ الأعظم إلى الأول، وخالفه صاحب الكفاية فقال بأنّها لفظيّة(1).
ووجه القول الأول هو أنّ البحث في المسألة عن وجود الملازمة وعدمها بين الحرمة والفساد، سواء كان الدليل على الحرمة لفظيّاً أو عقليّاً أو كان هو الإجماع، وهذا بحث عقلي.
وتقريبه هو: إنّ دلالة النهي على الفساد التزاميّة وليست بالمطابقة ولا بالتضمّن، لكنّها متوقّفة على كون هذا اللّزوم بيّناً بالمعنى الأخصّ، ضرورة احتياجها إلى الإثبات بالبرهان، فالمسألة من مباحث الاستلزامات العقليّة في علم الاصول، نعم، هي مسألة عقليّة غير مستقلّة، إذْ المعتبر ورود النهي الشرعي حتى يتحقّق الموضوع لحكم العقل بالفساد.
وبعبارة اخرى: إنّه بناءً على ما هو الصحيح من كفاية قصد الملاك في تحقق العباديّة، ليس للنهي دلالة على عدم الملاك، وإنْ دلّ على عدم الأمر، فالعقل هو المرجع في ثبوت الملازمة بينه وبين الفساد وعدم ثبوته.
نعم، يتمُّ القول الثاني بناءً على اعتبار خصوص قصد الأمر في عباديّة العبادة، لأنّ النهي يلازم عدم الأمر، للتضادّ بينهما، فنفس وجوده دليلٌ على عدم الأمر، بالدلالة الالتزاميّة، وهذا بحثٌ لفظي.
(1) كفاية الاصول: 180.