الثالثة (هل المسألة اصوليّة؟)
وهل البحث عن المفاهيم من المسائل الاصوليّة أو لا؟ وعلى الأوّل، فهل هو مسألة لفظيّة أو عقليّة؟
لقد تقدّم أنّ البحث في المفاهيم إنّما هو عن أصل ثبوتها وليس عن حجّيتها. وبعبارة اخرى: إنه بحثٌ عن صغرى حجية الظواهر، فإنْ كانت المسألة الاصولية ما تقع نتيجتها في طريق استنباط الحكم الشرعي وإنْ احتاج لذلك إلى ضمّ مقدمة ـ كما هو المختار ـ فالمسألة اصولية، وأمّا على القول بأنّها ما يقع كذلك بلا ضمّ مقدمة، أشكل دخول البحث في المسائل الاصولية… ولذا اضطر بعض الأكابر(1) لأنْ يقول: إن البحث الصغروي، إن كان من صغريات كبرى ثابتة لا بحث فيها، فالمسألة اصولية كما في البحث عن صغرى حجيّة الظهور، فهو بحث اصولي لعدم الاختلاف في كبرى حجيّة الظواهر، وما نحن فيه من هذا القبيل.
وأشكل الأُستاذ: بأنّ حجيّة الظواهر أيضاً بحاجة إلى إثبات، إذ ليست كحجيّة القطع في الثبوت… ولذا يستدل لحجيّة الظواهر بالسيرة العقلائية، لكنّ تماميّتها يتوقف على عدم الردع من الشارع.
وعلى الجملة، فالحق عندنا كونها مسألة اصوليّة….
وهي ـ وإن كان فيها جهة عقلية ـ مسألة لفظيّة، لكون المفهوم مدلولاً للجملة بالدلالة الالتزامية كما تقدّم.
(1) محاضرات في اصول الفقه 4 / 197 ـ 198.