الإشكال عليه
هذا، وقد أفاد الأُستاذ أنه لا يمكن المساعدة على ما ذكره الميرزا، لوجوه:
الأول: إنّ ما ذكره قدس سرّه إنما يتمُّ في القرينة المتصلة ـ ولا يرد عليه أيّ إشكال ـ لأنّ كلمة «مؤمنة» صالحةٌ لتقييد مفاد «أعتق رقبةً» ليخرج عن الإطلاق، لكونها بياناً وقرينةً، ولكنه لو جاء بقيد الإيمان في كلام آخر، فإنّ قرينيّة المنفصل ليس لها وجه عقلي أو عقلائي، لأنّ العقلاء يرون كلامين منفصل أحدهما عن الآخر، ويقولون: قد تكلَّم بكلامين، ولكلّ كلام حكمه، ولا يتعدّى حكم أحدهما إلى الآخر، ولا يجعلونه قرينةً له.
الثاني: إن مقتضى القاعدة بناءً على تقديم المقيَّد على المطلق من باب القرينيّة، هو أنْ لا يكون فرقٌ عند العرف بين تقدّم القرينة على ذيها أو تأخّرها عنه، ولكنّ الأمر ليس كذلك، فلو قال: أعتق رقبةً مؤمنةً، ثم قال: أعتق رقبةً، يحتمل العرف أنّ كلامه الثاني جاء توسعةً على المكلَّف، ولا يبادرون بالجمع بين الكلامين، ولا أقل من التوقّف والاستفسار من المولى.
الثالث: قد ذكر الميرزا أنّ التنافي بين «أعتق رقبةً» و«أعتق رقبةً مؤمنةً» قد حصل من جهة «المؤمنة»، فهذا القيد إنْ فرض متّصلاً كان قرينةً على المراد الاستعمالي، فلما جاء منفصلاً فهو قرينة على المراد الجدّي، فهو على التقديرين قرينة.
لكنّ الإشكال ليس من جهة «المؤمنة» مع قطع النظر عن كونها قيداً، بل هو من جهة قيديّة هذه الكلمة، وقيديّتها بدون إضافتها إلى الرقبة غير معقول، فهي موجودة في أعتق رقبةً مؤمنةً، أي في صورة الإتصال، وأمّا في صورة الإنفصال، بأنْ تستفاد القيديّة من الجملة المذكورة ثم تحكّم على «أعتق رقبة» فمحال، لأن القيدية نسبةٌ، وكلّ نسبة فهي قائمة بين منتسبين.
الرابع: إنّه لا دليل من العرف وغيره على أنّ كلّ ما يكون قرينة في حال الإتصال فهو قرينة كذلك في حال الإنفصال، بل الأمر بالعكس، فإنّ أهل العرف يرون الكلام الثاني ناسخاً وعدولاً عن الكلام الأول… وعلى الجملة، فإنّ المرجع في القرينية والبيانيّة هو العرف والسيرة العقلائية، وهي في صورة الإنفصال مفقودة إن لم يكن العكس كما ذكرنا.
وهذا تمام الكلام على طريق القرينيّة.
Menu