الإشكال عليه
وأورد عليه الأُستاذ ـ في الدورتين ـ بوجوه:
الأول: قد ذكر أنّ التخصيص مفاده قصر الحكم، وأنه إذا قال لا تكرم الفسّاق من العلماء، أفاد عدم شمول ملاك الإكرام للفسّاق. فنقول: لمّا كان أكرم كلّ عالم، يفيد وجود المقتضي لإكرام عموم العلماء، فلابدّ وأنْ يكون المخصّص الموجب لقصر الحكم دالاًّ على شرط للمقتضي وهو العدالة أو على وجود مانع عن تأثيره وهو الفسق، فيكون قصر الحكم راجعاً إلى فقد الشرط أو وجود المانع، وحينئذ، يستحيل عدم تعنون العام بعنوان الخاص. فالجمع بين القول بقصر الحكم والقول بعدم التعنون تهافت. أمّا في الموت فالاقتضاء منتف فالقياس مع الفارق.
والثاني: إنه على جميع المسالك، يكون الخاصّ مؤثراً في الإرادة الجدّية للعام، فإنّه بعد ورود المخصص المنفصل لا يعقل كون الإرادة الجديّة فيه مطلقةً بالنسبة إلى الخاص، كما لا يعقل الإهمال فيها، فهي مقيّدة لا محالة، وخاصةً على مسلكه من أن الحكم هو الإرادة المبرزة، فإن الإهمال في الإرادة المبرزة غير معقول، فيكون الحكم في العام مقيّداً.
والثالث: قوله بجريان الأصل الحكمي، يرد عليه: إنه إن كان المراد هو الاستصحاب، فإجراؤه مع الشك في الموضوع تمسّك بدليله في الشبهة الموضوعيّة له، لأنّ المعتبر في الاستصحاب إحراز أن رفع اليد عن اليقين السابق نقضٌ، لكنّ إحراز النقض موقوفٌ على وحدة الموضوع في القضيّتين، ومع تردّده لاحقاً، فلا إحراز لوحدته فالاستصحاب ممنوع.
والرابع: إنه يرد على تفصيله بين التناقض والتضاد: إن رفع عدم الوجوب ليس هو عين الوجوب حتى يثبت حكم العام ويترتب على الفرد المردد، لأنّ مفهوم نفي النفي ليس هو الإثبات بل الإثبات مصداقه… فلو أُريد من استصحاب عدم الفسق إثبات العدالة فهو أصل مثبت. أللّهم إلاّ أن يقال بالجريان مع خفاء الواسطة كما عليه الشيخ، لكنّ التحقيق خلافه.
والخامس: إنه يرد على قوله بالتمسّك بالعام في الشبهات المصداقيّة حيث يكون البيان من وظيفة الشارع، بأنْ المفروض إسقاط الشارع ظهور «المؤمنون عند شروطهم» وهي قضية حقيقيّة بحسب المراد الجدي، بقوله: «كلّ شرط خالف اللّه فهو رد»(1)، فكان ذاك العام مقيّداً، والمفروض عدم البيان، فكيف يتمسّك به في الفرد المردّد من الشرط؟
(1) وسائل الشيعة 18 / 267، الباب 15 من أبواب بيع الحيوان، رقم: 1.