الإشكال على الكفاية
وقد أشكل على (الكفاية) نقضاً وحلاًّ.
أمّا نقضاً، فقد تمسّك المحقق الخراساني ـ خلافاً للشيخ ـ بإطلاق نصوص الإستصحاب، كقوله عليه السلام «إنّ الشكَّ لا ينقضُ اليقين»(1) لحجية الإستصحاب في موارد الشك في المقتضي، مع وجود القدر المتيقَّن لهذا الكلام، وهو مسألة الوضوء وبقاء الطهارة مع الخفقة والخفقتين في السؤال والجواب بين الإمام وزرارة.
ولا يخفى الأثر الفقهي الكبير المترتّب على هذه المسألة. فلو وقع عقد وتردّد بين كونه منقطعاً ومدّته سنة أو دائمياً لا يرتفع إلاّ بالطلاق، فإنّ الشيخ لا يرى جريان استصحاب بقاء الزوجيّة بعد السنة ـ لأن الشك حينئذ في اقتضاء الزوجيّة للبقاء ـ أمّا صاحب (الكفاية) فيرى جريانه، أخذاً بإطلاق أدلة الاستصحاب، مع وجود القدر المتيقَّن في مقام التخاطب.
على أنّه لا يشترط في القدر المتيقّن في مقام التخاطب أنْ يكون هناك سؤال وجواب، بل مجرّد ورود الدليل في مورد خاص يكفي لأنْ يكون ذاك المورد هو القدر المتيقن من المراد، فلا يجوز التعدّي عنه إلى غيره أخذاً بإطلاق الكلام على مبنى (الكفاية)، والحال أنّه يأخذ بذلك كما هو واضح. وهذا نقض آخر.
هذا، وأمّا نقض الميرزا: بأنه لو كان القدر المتيقن في مقام التخاطب مانعاً عن انعقاد الإطلاق، فالقدر المتيقن الخارجي كذلك. فواضح الاندفاع.
وأمّا حلاًّ:
فإنّ المفروض كون المتكلّم في مقام بيان تمام مراده، ومقتضى ذلك أن يكون الإثبات موافقاً للثبوت، فلو كان المراد الواقعي على حدّ القدر المتيقن لَما كان الذي قاله مطابقاً لمراده الذي كان بصدد بيانه، فلو سئل: هل يجب إكرام زيد العالم، فأجاب بوجوب إكرام العالم، وكان مراده وجوب إكرام زيد، لزم أن لا يكون كلامه موافقاً لِما هو في مقام بيانه، لأنه قد جاء بالحكم على طبيعي العالم، الشامل لزيد العالم وغيره من العلماء، ولكنّ الأصل العقلائي ـ وهو التطابق بين الثبوت والإثبات ـ يقتضي عدم انحصار الإكرام بزيد.
والحاصل: إن ما ذهب إليه صاحب (الكفاية) ينافي أصالة التطابق.
(1) وسائل الشيعة 1 / 247، الباب 1 من أبواب نواقض الوضوء، رقم 6.