الإشكالات على الكفاية
وأشكل المحققان الإصفهاني والإيرواني(1): بأنْ الجزء والشرط والوصف إن كان عبادةً فلا فرق بينه وبين الصّلاة، فالتقسيم بهذه الصورة بلا فائدة، ولو قيل بأنّ فائدته من جهة أنه هل إذا فَسَد الجزء أو الشرط أو الوصف فالصّلاة باطلة أو لا، فإنّ هذا بحثٌ آخر لا علاقة له بمسألة تعلُّق النهي بالعبادة.
وكذا الإشكال فيما ذكره من انقسام النهي عن الجزء أو الشرط إلى ما يكون بنحو الواسطة في العروض أو الثبوت، لأنّ المنهي عنه حقيقة، إنْ كان العبادة بنفسها، فهذا هو موضوع المسألة، وإنْ كان هو الجزء أو الشرط ـ وكان تعلّقه بالعبادة مسامحةً ـ عاد الكلام السابق بأنّه إن كان الجزء أو الشرط عبادةً فهو داخل في موضوع البحث، وإنْ لم يكن عبادة فلا وجه للبحث عنه.
وهذا هو الإشكال الأول.
وأشكل المحقق الإصفهاني ثانياً في قول (الكفاية): بأنّ النهي عن الجزء يوجب فساده ولا يوجب فساد العبادة، فقال: لا دليل على كون جزء العبادة عبادةً، لأنّ العبادة إن كانت ما له حسنٌ ذاتي، فقد لا يكون لجزء العبادة حسن ذاتي مع كون المركّب منه ومن غيره عبادةً لها حسن ذاتي. وإنْ كانت ما اُمر بها بأمر لا يسقط إلاّ بالإتيان بالعمل بقصد القربة ـ بخلاف التوصّلي ـ فقد يكون الأمر المتعلّق بالجزء ـ بما هو جزء ـ غير عبادي بل المتعلّق بالمركب لا يسقط إلاّ بوجه قربي….
وعلى الجملة، فقد لا يكون جزء العبادة عبادة، فلا يتمُّ كلام (الكفاية).
الإشكال الثالث: ما أورده بعض أهل النظر، وحاصله بطلان تقسيم الوصف إلى القسمين المذكورين، لأنّه كما لا ينفك القراءة عن الجهر والإخفات، كذلك لا تنفك عن الإباحة أو الغصبيّة في المكان.
الإشكال الرابع: ما أورده المحقق الإيرواني، وحاصله بطلان جمع (الكفاية) بين «الغصب» و«الصلاة»، لأنه قد جعل «الغصب» وصفاً للصّلاة، فهو مغايرٌ لها، والاتحاد بين الوصف والموصوف محالٌ، فقوله باجتماع الغصب والصّلاة جمع بين الضدّين.
(1) نهاية الدراية 2 / 293، نهاية النهاية 1 / 247.