الأدلّة اللّفظيّة على مذهب السّلطان
وقد استدلّ له ـ بالإضافة إلى البحث العقلي المتقدّم ـ بوجوه لفظيّة:
الأوّل: التبادر. فإنّ المتبادر من لفظ الرقبة مثلاً والمنسبق إلى الذهن منه ليس إلاّ ذات الماهيّة، كما أنّ المنسبق من لفظ الإنسان هو الحيوان الناطق فقط، وأمّا الخصوصيات فلا تأتي إلى الذهن عند إطلاق اللّفظ.
الثاني: صحّة التقسيم. فإنّ لفظ الرقبة يصحُّ تقسيمه بماله من المعنى إلى الذات المجرّدة من أيّ خصوصية، وإلى الذات المنضمّ إليها الخصوصيّة من الإيمان أو الكفر. وكذلك لفظ الإنسان وغيره.
الثالث: حكمة الوضع. فإنّ حكمة الوضع في الألفاظ إحضار معانيها إلى الذهن، وأمّا المعنى المنضمُّ إليه شيء من الخصوصيّات فليس الموضوع له اللّفظ، وليس المقصود من وضع اللّفظ له، وإلاّ لكانت الذات المجرّدة عن الخصوصية بلا دالّ.
الرابع: إنه لو كانت اللاّبشرطيّة داخلةً في المعنى الموضوع له اللّفظ، لكان اللاّزم تجريد اللفظ عن معناه الموضوع له متى اُريد إطلاقه على المعنى الخارجي، لأن اللاّبشرطيّة أمر ذهني لا خارجية له، والمفروض دخولها في المعنى الموضوع له اللّفظ، وحينئذ يبطل الوضع.
توضيحه: إنّ وجوب العتق حكم تعلّق بالرقبة بقول المولى أعتق رقبةً، لكنّه يترتّب على الرقبة الخارجية، ولابدّ من إيجاد العتق في الخارج حتى يتحقق الامتثال كما هو واضح، والمفروض كون الرقبة مطلقةً من حيث الإيمان والكفر، لكن الإطلاق ـ أي اللاّبشرطيّة عنهما ـ أمر ذهني، فيكون موطن الرقبة اللاّبشرط هو الذهن فقط… وحينئذ، يلزم تجريد معنى «الرقبة» من خصوصيّة اللاّبشرطيّة حتى يصح إطلاق هذه اللفظة على الوجود الخارجي ويترتّب العتق… وهذا يبطل وضع اللّفظة للماهيّة اللاّبشرط.
إذنْ، ليس اللّفظ موضوعاً للمعنى متحيّثاً بحيثيّة اللاّبشرطيّة، وليست داخلةً في الموضوع له لفظ الرقبة والإنسان والبقر وغيرها من أسماء الأجناس.
فتلخَّص: إن الإطلاق خارج عن المعنى الموضوع له اسم الجنس، فيحتاج للدلالة عليه إلى قرينة، وهو ما يعبّر عنه بمقدّمات الحكمة.
Menu