إشكال البروجردي و جوابه
وأشكل السيد البروجردي(1) على الجهة الثانية بعدم إمكان توجّه الطلب إلى المعدوم، لأنه في ظرف العدم «لا شيء» وتعلّق الطلب بـ«لا شيء» غير معقول… ففي ظرف خطاب «يا أيها الناس» لا يوجد «ناسٌ» حتى يعمّهم. فالصحيح هو أنْ متعلّق الطلب دائماً يكون مفروض الوجود، وأنْ الخطابات الشرعية كلّها بنحو القضيّة الحقيقية.
وقد أجاب شيخنا عن الإشكال بالنقض بمثل الإجارة، حيث أنّ المنفعة في حين الإجارة معدومة، فلا يملكها المستأجر، وفي ظرف وجودها تكون متصرّمة الوجود، فلا تصلح للإجارة، فلابدّ من القول ببطلان كتاب الإجارة.
فإن قيل: الإجارة تسليط المستأجر على العين لاستيفاء المنافع، فلا نقض.
قلنا: فما تقولون في تمليك الانتفاع في كتاب العارية؟ على أنّه في الإجارة تدخل المنافع تحت الملك، ويشهد بذلك قاعدة الضمان، إذ اليد على العين يدٌ على منافعها، وأنتم تقولون بأن المنافع المعدومة لا تقبل الملكيّة.
وأمّا حلاًّ، فصحيح أنّ المعدوم في حال العدم «لا شيء» إلاّ أن «لا شيء» يقبل الاعتبار إذا كان له مصحّحٌ يخرجه عن اللّغوية، ولا يلزم وجود العنوان في القضايا الاعتباريّة، ويشهد بذلك تعلّق الاعتبار حتى بالمحالات، كاعتبار الجمع بين النقيضين، وهذا مراد صاحب (الكفاية) من قوله: إن الاعتبار خفيف المؤنة….
وفيما نحن فيه: المصحّح للاعتبار هو القابليّة للوجود، ليكون مصداقاً لعنوان «الناس» أو «المؤمنون» ونحو ذلك، وفائدة ذلك عدم الحاجة إلى الإنشاء الجديد لمّا يوجد فيما بعد، كما ذكرنا سابقاً.
(1) نهاية الاصول: 315.