إشكال الأُستاذ
وبالتأمّل في الامور المذكورة يظهر أنّ وجهة النظر في ثلاثة منها إلى إنكار صغرى قاعدة الامتناع، إلاّ أنه قد وقعت الغفلة عن نكتة هي: إنّ الامتناع عن الإنبعاث أو الإنزجار قد يكون عقليّاً، كما أنه قد يكون تكوينياً وقد يكون شرعيّاً، وامتناع إنزجار المكلّف فيما نحن فيه عقلي، وإلاّ فإنه بعد الدخول في ملك الغير متمكّن من الخروج تكويناً، كما أنه لا امتناع للإنزجار شرعاً، لأنّ الشارع ليس له هنا أمر ولا نهي ـ كما عليه صاحب (الكفاية) ـ بل الحاكم بالخروج والناهي عن البقاء هو العقل، فإنه يلزمه بالخروج لكونه أخفّ المحذورين، فقد وقع هذا المكلّف في الامتناع لكنْ بسوء اختياره وعصيانه للنهي السابق، فالصغرى للقاعدة متحققة، لأن موضوعها غير منحصر بالامتناع التكويني ليتوجه الامور المذكورة.
ويبقى الأمر الثاني منها وهو اعتبار وجود الملاك للحكم، سواء وجدت المقدمة أو لا، لكنّ ما نحن فيه ليس كذلك، لأن الحكم بالخروج قبل الدخول غير معقول، وأمّا بعده، فلا يوجد حكم شرعي بالخروج، إذ المفروض أنه ملزم به بحكم العقل، وإذ لا حكم ولا ملاك له، فلا يكون المورد من موارد قاعدة الامتناع.
والجواب عن هذا هو:
أمّا إنكاره الملاك، ففيه: إنّ الخروج من ملك الغير تصرّف فيه، فهو مبغوض وذو مفسدة بلا ريب، سواء دخل أو لا، نعم، مفسدة الخروج كذلك أقلّ من مفسدة البقاء، فكانت أقليّة المفسدة هي المنشأ للاّبديّة العقلية.
وأمّا عدم معقولية الخطاب بالخروج قبل الدخول، ففيه: إنّ ذلك غير معقول لو كان بعنوان «اخرج» ونحوه، لكنّ النهي ليس كذلك، بل هو متعلَّق بجميع أنحاء التصرف في ملك الغير، وهذا صحيح بلا ريب، والتصرّف الخروجي بعد الدخول أحد المصاديق له، فلا موضوعية للخروج، بل إنه مأمور به ومنهي عن البقاء لكونه أحد مصاديق الغصب.
والقول بعدم معقولية الحكم بالخروج قبل الدخول لكونه غير مقدور للمكلَّف، يردّه: أنه مقدورٌ له بالواسطة، وهذا كاف لمعقولية الخطاب، فإنّ هذا المكلّف قادر على ترك التصرف الخروجي بترك الدخول في ملك الغير… فالخطاب بالنهي عن هذا التصرف معقول.
وتلخّص: عدم تمامية شيء من وجوه الميرزا رحمه اللّه، بل المورد من موارد قاعدة الامتناع، وقد اعترف بأنه إذا كان مورداً لها فالحق مع صاحب (الكفاية)، فالمكلّف ملزم بالخروج عقلاً، وهو مستحق للعقاب لقاعدة الامتناع.