إشكال الأُستاذ على الكفاية
ثم قال الأُستاذ: بأن الصحيح في الإشكال على (الكفاية) هو أن يقال: إنّه مع تسليم كون المسألة من باب الاجتماع، فإنّ ملاك الوجوب ـ بناءً على الامتناع وتقديم النهي على الأمر ـ يكون مغلوباً لملاك النهي، وإذا تغلّب ملاك النهي كان العمل مبغوضاً، وقد تقدّم أن العمل ما لم يكن محبوباً للمولى لا يصلح للمقربيّة، وبما ذكرنا يظهر عدم إمكان تصحيحه بالإتيان به بقصد الملاك، لأنّ مجرّد وجود المصلحة في الصلاة لا يكفي للمقربيّة، بل المقرّب هو العمل المأتي به بما هو محقق لغرض المولى، ومع غلبة جانب الغصبيّة لا يكون ملاك الصّلاتية المغلوب غرضاً، لأن الغرض يتبع الملاك الغالب، وإذا انعدم الغرض فلا ملاك للمقربيّة. ومع التنزّل عمّا ذكرنا، تصل النوبة إلى الشك، فهل مثل هذا الملاك الذي أصبح مغلوباً للمفسدة صالحٌ للمقربيّة أو لا؟
وأمّا تصحيحه بقصد الأمر، فهو على أساس أنّ التزاحم بين الملاكات إنما هو بحسب وصولها إلى المكلَّف وعلمه بها والتفاته إليها، والمفروض هنا جهل المكلَّف بالنهي عن قصور لا تقصير، فيتمشى منه قصد الأمر المتعلِّق بطبيعة الصّلاة… لكن هذا الأساس باطل، لأن الأحكام تابعة للملاكات الواقعية، ولا دخل لعلم المكلَّف وجهله في تمامية الملاك وعدمها، تماميّته وإلاّ يلزم التصويب، لأنه لو كانت الفعلية تابعةً للوصول، فعلى القول بالامتناع وتقديم جانب النهي، غير واصل إلى الجاهل، بل الأمر هو الواصل إليه، فالمجمع مأمور به، وهذا هو التصويب.
والحاصل: إن الملاكات الواقعية مؤثرة، ومع تقديم جانب النهي ـ وإنْ لم يكن واصلاً ـ ينتفي الملاك عن الصّلاة، وبه ينتفي الأمر، فلا يمكن تصحيحها بقصد الأمر… ويكون العمل باطلاً.