إستصحابُ العدم الأزلي
تمهيدٌ
المخصّص المنفصل تارةً: يكون مجملاً مفهوماً كما لو قال أكرم العلماء، ثم قام الدليل على حرمة إكرام الفسّاق منهم، وشكّ في حكم فرد من العلماء مرتكب للمعصية الصّغيرة، من جهة تردّد مفهوم الفسق بين ارتكاب خصوص الكبيرة والأعمّ منها والصّغيرة، وتسمى بالشبهة المفهومية. واخرى: يكون مبيّناً من حيث المفهوم، فيقع الشكُ في حكم الفرد من جهة امور خارجيّة، كما لو جهلنا كونه مرتكباً للفسق حتّى يندرج تحت المخصّص أو غير مرتكب له فيشمله العام، وتسمّى بالشبهة المصداقية.
أمّا في الاولى، فالمشهور هو التمسّك بالعام.
وأمّا في الثانية، فقد ذهب السيد صاحب (العروة) إلى التمسّك بالعام، خلافاً للمشهور القائلين بالرجوع إلى الأصل، فإنْ كانت الحالة السابقة للفرد هو الفسق أو عدمه، جرى الأصل وخرج عن الشبهة، أمّا لو جهلنا حالته السابقة أو كان مورداً لتوارد حالتي الفسق والعدالة وجهل المتقدّم والمتأخّر منهما، فلا أصل ينقّح حاله، ويسقط التمسّك بالعام وبالدليل المخصّص أيضاً، فإنْ قلنا بجريان الإستصحاب الحكمي حينئذ فهو، وإلاّ وصلت النوبة إلى البراءة أو الإشتغال.
وهذا كلّه قد تقدّم، وحاصله تنقيح حال الموضوع باستصحاب عدم الفسق ويعبّر عن ذلك باستصحاب العدم النعتي.
ويقابله استصحاب العدم الأزلي بأنْ نقول: هذا الفرد من العلماء لم يكن في الوجود، فهل بعدما وُجد وُجد فيه الفسق أو لا؟ فهل يمكن الخروج عن هذا الشكّ باستصحاب عدم الفسق أزلاً أو لا؟
وهذا في الأوصاف العارضة.
ومن الأوصاف ما هو ذاتي لا يزايل الموصوف منذ وجوده، كقرشيّة المرأة، وهو المثال المعروف في المسألة، فإن المرأة تحيض إلى الخمسين إلاّ القرشية فإنّها ترى الحيض إلى الستين، فلو شككنا في امرأة هل هي قرشيّة فدمها بعد الخمسين حيض أو غير قرشيّة فاستحاضة؟ فهل يمكن التمسّك بالأصل الموضوعي بنحو العدم الأزلي أو لا؟
والبحث في هذه المسألة في مقامين: