مناقشة الدليل الثاني
والدليل الثاني: ما تقدّم سابقاً عن المحقّق الخراساني: من أنّ ملاك مقدميّة أحد الضدّين للضدّ الآخر هو التمانع في الوجود، وإذا كان الضدّان لا يجتمعان لما ذكر، فالنقيضان كذلك، فيلزم أن لا يكون النقيض مقدّمة للنقيض الآخر، لكنّ التالي باطل فالمقدّم مثله.
وأجاب عنه الأُستاذ: بأنّ المقدميّة لا تكون إلاّ مع التعدّد في الوجود، ولذا قلنا بأنّ أجزاء الماهيّة ليست مقدمةً لوجودها، لأنّ الأجزاء عين الكلّ، لكنّ المهم هو أنّه لا تعدّد في الوجود في النقيضين، إذ العدم نقيض الوجود لكنّه عدم نفس ذلك الوجود، وكذا العكس، فلا يعقل أنْ يكون أحد النقيضين وهو الوجود مقدمةً لنقيضه وهو عدم الوجود، لأنّه يستلزم صيرورة الشيء مقدّمةً لنفسه، إذ لا تعدّد هناك لا مفهوماً ولا واقعاً، وهذا هو الملاك.
وأمّا توقف الوجود على عدم العدم فكذلك، لأنّه وإنْ كان الوجود مغايراً لعدم العدم مفهوماً، لكنّهما في الواقع شيء واحد، لتحقّق عدم العدم بالوجود… فالمقدميّة ممنوعة.
والحاصل: إنّ قياس النقيضين على الضدّين مع الفارق، لوجود التعدّد في الضدّين، فالمقدميّة متصوّرة بينهما، دون النقيضين، لأنّهما إمّا واحد مفهوماً ومصداقاً وإمّا واحد مصداقاً وإنْ تعدّدا مفهوماً.
Menu