تتمّة
مسألة الضد من مسائل أيّ علم من العلوم ؟
وقد وقع الكلام في أنّ مسألة الضدّ كلاميّة ؟ أو فقهيّة ؟ أو أُصوليّة ؟ أو هي من المبادئ الأحكاميّة ؟ وجوه.
رأي الأُستاذ
ومختار الأُستاذ: هو أنّها من المسائل الأُصوليّة، وليست من مسائل الفقه أو الكلام، كما أنّها ليست من مبادئ الأحكام.
أمّا عدم كونها من المسائل الكلاميّة، فلأنّ علم الكلام هو ما يبحث فيه عن أحوال المبدء والمعاد بالأدلّة العقليّة والنقليّة، والبحث عن اقتضاء الأمر للنهي عن الضدّ الخاص لا يختص بالأوامر الإلهيّة ـ لتكون المسألة كلاميّة من جهة كونها بحثاً عن عوارض التكليف وهو فعل اللّه ـ بل هو أعمّ من أوامر اللّه وأوامر سائر الناس.
وأمّا عدم كونها من المسائل الفقهيّة، فلأن البحث في هذه المسألة ليس عن حرمة الضدّ الخاص وعدم حرمته، بل هو بحث عن أصل استلزام الأمر للنهي عن الضدّ الخاص، وهو ليس بمسألة فقهيّة.
وأمّا عدم كونها من المبادئ الأحكاميّة، فلأنّ مختار القائل بذلك ـ وهو السيد البروجردي(1) ـ في موضوع علم الأُصول أنّه الحجّة في الفقه(2)، وعليه، يكون البحث فيه عن عوارض هذا الموضوع يعدّ من المسائل الأُصوليّة، والبحث عن اقتضاء الأمر بالشيء للنهي عن الضدّ الخاص ليس بحثاً عن عوارض الحجة في الفقه، فليس من المسائل الأُصوليّة فيكون من المبادي.
وفيه: ـ بعد غضّ النظر عن المبنى في موضوع علم الأُصول، وعن القول بأنّ لكلّ علم مبادئ أحكاميّة علاوةً على المبادئ التصوريّة والتصديقيّة ـ إن كون المسألة من مسائل علم الأُصول يدور مدار انطباق تعريفه عليها، فإنْ وقعت نتيجة البحث في طريق استنباط الحكم الشرعي، فالمسألة أُصوليّة وإلاّ فلا، وهنا عندما نبحث عن الاستلزام وعدمه، فإنّ نتيجته حرمة الضدّ بناءً على الاستلزام وعدم حرمته بناءً على عدمه… وإذا ترتّبت هذه الثمرة الفقهيّة فالمسألة أُصوليّة، لأنّها نتيجة فقهيّة ترتّبت على البحث مباشرةً.
وأيضاً، فللبحث ثمرة أُخرى لكن مع الواسطة، وهي فساد العمل إن كان عباديّاً بناءً على الحرمة.
ولا يخفى أنّ الحرمة المترتّبة إنّما هي حرمة تبعيّة، لعدم كون المفسدة في متعلّقها وهو الصّلاة مثلاً، بل لأنّ الصّلاة ـ إذا اقتضى وجوب الإزالة النهي عنها ـ تكون حينئذ مفوّتة لمصلحة الإزالة، فكانت حرمة الصّلاة تبعيّة، وإلاّ فلا ريب في وجود المصلحة فيها نفسها.
(1) نهاية الأُصول: 189.
(2) نهاية الأُصول: 11.