هل الأمر بالأمر بشيء أمرٌ بالأمر فقط، أو أنه أمر بذلك الشيء حقيقة ؟
ولعلّ السبب العمدة في طرح هذا البحث هو الأخبار الآمرة بأن يأمر الأولياء صبيانهم بالصّلاة إذا كانوا أبناء سبع، فإنّه على القول الأوّل لا تكون عباداتهم شرعيّة وعلى الثاني فهي شرعيّة، وتظهر الثمرة فيما إذا صلّى الصبيّ وبلغ الحلم في داخل الوقت، هل تجب عليه إعادة الصّلاة أو لا ؟ قولان:
رأي صاحب الكفاية
قال في ( الكفاية ):
« الأمر بالأمر بشيء أمر به لو كان الغرض حصوله ولم يكن له غرض في توسيط أمر الغير به إلاّ تبليغ أمره به، كما هو المتعارف في أمر الرسل بالأمر والنهي، وتعلّق غرضه به، لا مطلقاٌ بل بعد تعلّق أمره به، فلا يكون أمراً بذاك الشيء، كما لا يخفى »(1).
وقد انقدح بذلك أنه لا دلالة بمجرّد الأمر بالأمر على كونه أمراً به، ولابدّ في الدلالة عليه من قرينة.
وبيان كلامه: أن المحتمل في مقام الثبوت ثلاثة وجوه:
أحدها: أن يكون الغرض قائماً بنفس الأمر، كأن يأمر بالأمر لمصلحة إثبات آمريّة الثاني.
والثاني: أن يكون الغرض قائماً بالفعل المأمور به كما في قوله تعالى ( بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ )(2).
والثالث: أن يكون الغرض قائماً بالفعل الحاصل من المأمور ـ وهو الثالث ـ بشخصه المنبعث من أمر هذا الآمر الثاني، فكان تعلّق الغرض مقيّداً لا مطلقاً.
وأمّا في مقام الإثبات، فقد ذكر أنه مع وجود هذه الوجوه، لا يكون لمجرّد الأمر بالأمر دلالة على كونه أمراً به إلاّ بقرينة.
ففي مثل الصحيحة: « فمروا صبيانكم بالصلاة إذا كانوا بني سبع سنين »(3) يرى المحقق الخراساني وجود الاحتمالات الثلاثة، وعليه، فلو أمر الصبي بالصّلاة، فصلّى في الوقت واتّفق بلوغه بعدها، فإن شرعيّتها يتوقّف على القرينة على كون هذه الصّلاة حاملةً للغرض، حتى لا تجب إعادتها، وإلاّ احتمل كون الغرض من الأمر به هو التمرين مثلاً، فلا تكون مسقطةً لوجوب الإعادة… هذا رأيه ووافقه سيّدنا الأُستاذ(4).
(1) كفاية الأُصول: 144.
(2) سورة المائدة: 67.
(3) وسائل الشيعة 4 / 19 الباب 3 من أبواب أعداد الفرائض.
(4) منتقى الأُصول 2 / 515.