رأي المحقق الخراساني:
ذكر المحقّق الخراساني(1) لمقتضى الأصل العملي ـ في دوران أمر الفرد الواقع من الوجوب بين النفسيّة والغيريّة ـ صورتين، لأنّ وجوب ذلك الغير ـ الذي شككنا في كون هذا الشيء مقدّمةً له، أو أنّه واجب نفسي وليس بمقدّمة له ـ تارةً فعلي وأُخرى غير فعلي.
فإن كان فعليّاً، كان الشيء المشكوك النفسيّة والغيريّة مجرى قاعدة الإشتغال، لأنّ المفروض هو العلم بوجوبه، إنّما الجهل في وجه هذا الوجوب. مثلاً: الوضوء واجب على تقدير النفسيّة وعلى تقدير الشرطيّة للصّلاة الواجبة بالوجوب النفسي الفعلي، فلو تُرك الوضوء فقد تُرك واجب نفسي، وهو الوضوء إن كان واجباً نفسيّاً أو الصّلاة المشروطة به، فكان العلم الإجمالي المتعلّق بالمردّد بين النفسيّة والغيريّة موجباً للعلم باستحقاق العقاب في حال ترك الوضوء، فلا محالة يكون هذا العلم الإجمالي منجزاً.
وإنْ لم يكن وجوب الغير فعليّاً، كان مشكوكُ النفسيّة والغيريّة مجرى أصالة البراءة، لأنّ المناط في منجزيّة العلم الإجمالي هو تعلّق العلم بالتكليف الفعلي، والمفروض عدمه، إذ الوضوء على تقدير كونه واجباً نفسيّاً فعلي، وعلى تقدير كونه واجباً غيريّاً، فهو شرط لواجب غير فعلي، ومع عدم فعليّة المشروط لا يكون الشرط فعليّاً، فلا يكون العلم حينئذ منجزّاً، فالمرجع البراءة.
هذا كلام المحقّق الخراساني.
(1) كفاية الأُصول: 110.