رأي الشيخ البهائي في الثمرة
وأورد الشيخ البهائي رحمه اللّه على هذه الثمرة ـ كما عن كتابه ( زبدة الأُصول ) ـ: بأنّ العبادة باطلة مطلقاً حتى على القول بعدم دلالة الأمر للنهي عن الضدّ، فالثمرة منتفية، وذلك لأنّ العبادة تتوقّف على قصد الأمر، إذن، فصحّة العبادة مشروطة بتعلّق الأمر بها فعلاً حتى يُقصد، وفي صورة الأمر بشيء ووقوع التزاحم بينه وبين ضدّه، لا يوجد أمرٌ بالضدّ، لاستحالة تعلّق الأمر بالضّدين معاً، فالضدّ الآخر غير مأمور به، سواء دلّ الأمر بالشيء على النهي عنه أو لم يدل; ومع عدم الأمر به يكون فاسداً، لكونه عبادةً وصحّة العبادة مشروطة بتعلّق الأمر بها.
الجواب عنه
وأجيب عن ذلك بوجهين:
أحدهما: ما ذكره صاحب ( الكفاية ) وغيره كالمحاضرات(1)، من أنّ المعتبر في صحّة العبادة ليس خصوص قصد الأمر بل قصد القربة بأيّ وجه تحقّق، والحاصل: إنّه يكفي الإتيان بالعمل مضافاً إلى المولى، كأن يؤتى به بقصد كونه محبوباً له أو بداعي تحصيل الثواب عليه والقرب منه. وعلى هذا فالثمرة مترتّبة.
لكن هذا الجواب مبنائي.
والثاني: ما يستفاد من كلمات المحقّق الثاني، وبيان ذلك:
أوّلاً: إنّه يعتبر في التكليف أن يكون المتعلّق مقدوراً، ومناط اعتبار القدرة في المتعلّق هو حكم العقل بذلك ـ لا اقتضاء الخطاب كما عليه الميرزا ـ فإن كان متعلّق التكليف هو طبيعي المأمور به لزم وجود القدرة عليه، وإن كان الحصّة من الطبيعة لزم وجود القدرة عليه كذلك.
وثانياً: إنّه إن كان المتعلّق هو الطبيعة، فإنّ القدرة عليها تحصل بالقدرة على فرد مّا منها، وانطباق الطبيعة عليه قهري.
وثالثاً: إنّ الأمر يستحيل أن يتجاوز عن متعلّقه، فلو كان المتعلّق هو الطبيعة فلا يتجاوز إلى الفرد.
ورابعاً: إنّ الحاكم بالإجزاء وسقوط الأمر هو العقل، لأنّه في كلّ مورد يكون الإنطباق فيه قهريّاً، فالإجزاء فيه عقلي.
ففي كلّ مورد توفّرت هذه المقدّمات، تكون العبادة صحيحة، ويندفع اشكال الشيخ البهائي، وإلاّ فالإشكال وارد، كما في المضيّقين حيث القدرة منتفية.
(1) كفاية الأُصول: 134، محاضرات في أُصول الفقه 2 / 339.