رأي الأُستاذ في الوجوب الكفائي
واختلف مختار الأُستاذ في الدورتين. أمّا في السابقة، فقد اختار قول المحقّق الخراساني، كالمحققين الإصفهاني والعراقي، مستشكلاً على قول الميرزا بأن متعلّق الوجوب هو صرف الوجود ـ بعد أن ذكر تعبير ( المحاضرات ) عنه بالجامع لا بعينه ـ بأن تصوير الجامع الانتزاعي ـ الواحد لا بعينه ـ وإن أمكن في الوجوب التخييري، فهو غير ممكن في الكفائي، للفرق بينهما من جهة استحقاق العقاب الواحد هناك في صورة المخالفة للكلّ، بخلاف الوجوب الكفائي، فلو ترك كلّ أفراد المكلّفين استحقّوا العقاب جميعاً….
وأمّا في الدورة اللاّحقة، فقد ناقش في طريق صاحب الكفاية ومن تبعه، واختار طريق الميرزا، مستشكلاً على ( المحاضرات ) إرجاع النظريّة إلى الجامع الانتزاعي بأنّه ليس المراد عند المحقق النائيني، ويشهد بذلك قوله في التخييري بأن الواجب هو الفرد المردّد، لأنّ الإرادة التشريعيّة تختلف عن الإرادة التكوينيّة، فلو كان مراده في الكفائي ذلك أيضاً لصرّح به، مع وجود الفرق بين الوجوبين، حيث أن المردّد هناك هو المتعلّق والمردّد هنا هو الموضوع… لكنّ بيان الميرزا هنا شيء آخر، إنه يجوّز أن يكون صرف الوجود موضوعاً للحكم، كما جاز أنْ يكون متعلَّقاً له، ومن الواضح أنّ « صرف الوجود » غير « الجامع » وغير « الفرد المردد ».
والحاصل: إنه كلّما أمكن تصوير الجامع صحّ صرف الوجود، وكلّما لم يمكن كان التكليف متوجّهاً إلى عنوان « الأحد ». أمّا في التخييري فلا جامع بين أفراد المكلّف به من الصوم والعتق والإطعام في الكفارة، أو القتل والصّلب والنفي في حدّ المحارب، ولذا يكون الواجب هو « الأحد »، بخلاف الكفائي، فالجامع موجود، وهو عنوان الصّلاة، فكان صرف وجود المكلّف هو الموضوع للتكليف….
وهذه هي النكتة في اختلاف تعبير الميرزا في الموردين، حيث قال في الوجوب التخييري بأن المتعلّق هو عنوان « الأحد » وفي الوجوب الكفائي جعل الموضوع هو « صرف وجود المكلّف »….
وما ذهب إليه هنا لا يتوجّه عليه أيّ إشكال، بعد ظهور اندفاع مناقشات المحقق الإصفهاني.
وهذا تمام الكلام على الوجوب الكفائي.
Menu