تحقيق الأُستاذ
وأفاد الأُستاذ دام بقاه حول القاعدة بقدر ما يرتبط بعلم الأُصول: أنّ للواحد أنحاءً من الوجود:
1 ـ الواحد بالشخص، مثل زيد وعمرو، من حيث كونه زيداً وكونه عمراً.
2 ـ الواحد بالنوع، مثل زيد وعمرو من حيث الإنسانيّة.
3 ـ الواحد بالعنوان، مثل وجود زيد ووجود عمرو وهكذا… فإنّ العنوان مفهوم الوجود، وحقيقة الوجود هو المعنون، والنسبة بينهما نسبة العنوان والمعنون، لا الكلّي والفرد، ولا الطبيعي والمصداق.
فهذه مقدمة.
والمقدمة الثانية: إنّ الطبيعي موجود في الخارج بلا ريب، فليس من الأُمور الانتزاعيّة العقليّة، وليس من الاعتباريات كالزوجيّة والملكيّة، غير أنّ وجوده وجود فرده، كما أن الأُمور الانتزاعيّة موجودة لكن بوجود منشأ الانتزاع… والحاصل: إن الطبيعي كالإنسان موجود في الخارج، لكن بوجود زيد مثلاً.
والمقدّمة الثالثة: إن « الوحدة » و« التعدد » متقابلان، والاجتماع بينهما في أيّ عالم محال، فلا يجتمع الواحد بالشخص مع المتعدّد بالشخص، وكذلك الواحد بالنوع، والواحد بالعنوان.
وبعد المقدّمات نقول:
إنّ المحقق الإصفهاني يعترف بوجود الطبيعي خارجاً، وأنّ نسبته إلى الخارج نسبة الآباء إلى الأبناء ـ لا نسبة الأب الواحد إلى الأبناء كما قال الرجل الهمداني ـ فنقول: هذا الطبيعي إمّا مختص أو مشترك ؟ والأول خلف الفرض، وعلى الثاني: هل لوجود هذا الطبيعي علّة أو لا ؟ والثاني محال، ومناف لقوله بأنّ الاجناس موجودة وعللها هي الفصول، وإذا كان له علّة، فهل لتلك العلّة حيثيّة غير حيثيّة الخصوصيّة ؟ إنّه لابدّ وأن يكون فيها حيثيّة تصلح بها لأن تكون علةً لماهيّة مشتركة، إذ ما ليس فيه إلاّ حيثيّة الخصوصيّة لا يمكن أن يكون علةً لماهيّة ذات حيثيّة مشتركة….
إذن، لا مناص من الالتزام بأنّه: لو حصل غرض وكان فيه حيثيّة القدر المشترك، فلابدّ وأن يكون له منشأ هو القدر المشترك… وهذا معنى كلام المحقق الخراساني حين يقول باستحالة حصول الأثر الواحد من كلّ واحد من الفردين أو الأفراد ويكون مبدء الأثر متعدّداً… لأنّ الأثر موجود في مرتبة المبدء، فإذا كان واحداً والمبدء متعدّد، لزم اجتماع الوحدة والتعدّد في الشيء الواحد، وهو محال.
وبالجملة، فإنّ قاعدة الواحد وإن طرحت في الواحد الشخصي، لكن الملاك لها موجود في الواحد النوعي والواحد العنواني أيضاً، فإنّه ـ على القول بثبوت الواحد النوعي والواحد العنواني ـ يكون للمعلول وحدة نوعيّة، فلو لم يكن في العلّة وحدة نوعية كذلك، يلزم عدم السنخيّة بين العلّة والمعلول.
فظهر اندفاع الإشكال على ( الكفاية ) في هذا القسم من كلامه.
Menu