تفصيل المحقق الإيرواني
وقال المحقق الإيرواني(1): بأن محلّ الإشكال هو ما إذا كان نفس الفعل المتعلّق للتكليف مردّداً بين الأقل والأكثر، وكان للأقل في ضمن الأكثر وجود مستقل، كرسم خطٍّ طويل تدريجاً، وإن عدّ المجموع بعد حصول الأكثر فعلاً واحداً ذا وجود واحد.
فيخرج بالقيد الأوّل: ما إذا لم يكن الفعل المتعلّق للتكليف مردداً بين الأقل والأكثر، بل كان متعلّق ذلك الفعل مردّداً بينهما، كما إذا أمر تخييراً بالإتيان بعصا طولها عشرة أذرع، أو بعصا طولها خمسة أذرع، أو بإكرام عشرة دفعةً واحدة، أو إكرام خمسة كذلك، فإن ذلك من التخيير بين المتباينين، لتباين الفعلين المتعلّق بهما التكليف.
ويخرج بالقيد الثاني: ما إذا لم يكن للأقل في ضمن الأكثر وجود مستقل، كما إذا أمر تخييراً بالمسح بالكف أو بأصبع واحدة، فإنه أيضاً من التخيير بين المتباينين.
ومن ذلك يظهر عدم الفرق بين الكمّ المنفصل والكمّ المتصل، فلو أمر تخييراً بين التسبيحة الواحدة والتسبيحات الثلاث، أو أمر تخييراً بين المشي فرسخاً واحداً أو فراسخ عديدة، أو القرائة والتكلّم وسائر الأُمور التدريجيّة، كان كلّ ذلك من محلّ الكلام.
ثم إنه أورد على ( الكفاية ) بإشكالين: ( أحدهما ): ما تقدّم من أن ما ذكره خارج عن محلّ الكلام، وأنّ لازم كلامه عدم معقوليّة التخيير بين الأقل والأكثر. و( الثاني ) هو: إن ما ذكره من التخيير بين الأقل بشرط لا والأكثر غير معقول أيضاً، وإن كان ذلك داخلاً في المتباينين، إذ التباين المذكور تباين عقلي لا خارجي، والإشكال لا يرتفع بالتباين الخارجي، ولذا لا يسع المصنف الحكم بعدم وجوب الأكثر بعد الإتيان بالأقل، لأن ذلك في معنى إخراج الأكثر عن طرف التخيير، ولا الحكم بوجوب الأكثر عيناً، لأن ذلك في معنى إخراج الأقل عن طرف التخيير، وحكمه بالتخيير بين الإتيان بالزائد وعدمه في معنى عدم وجوب الزائد وانحصار الوجوب بالأقل، لعدم معقوليّة وجوب فعل شيء وتركه على سبيل التخيير.
(1) نهاية النهاية 1 / 201.