تفصيل الإيرواني
لكن الصّورة الثانية يتصوَّر فيها صورتان، لأنّ ذاك الغير المفروض عدم فعليّته، قد يكون واجباً من قبل ثم ارتفع وجوبه، وقد لا يكون كذلك، فإنْ لم يكن مسبوقاً بالوجوب فالأصل الجاري هو البراءة كما ذكر. وأمّا إن كان مسبوقاً بوجوب مرتفع عنه فعلاً، حصل لنا العلم بأنّ الواجب المشكوك في نفسيّته وغيريّته كان من قبل واجباً غيريّاً، فالحالة المتيقّنة السابقة لهذا المشكوك فيه هو الوجوب الغيري، وبزوال فعليّة وجوب ذلك الغير يصير هذا الوجوب الغيري مقطوع الزوال، لأنّه بزوال وجوب المشروط بقاءً يزول وجوب الشرط كذلك… فيكون وجوب المشكوك النفسيّة والغيريّة فرداً مردّداً بين مقطوع الزوال ومقطوع البقاء، لأنّ هذا الوضوء ـ المشكوك كذلك ـ في كون وجوبه نفسيّاً أو غيريّاً ـ إنْ كان واجباً غيريّاً فقد زال عنه الوجوب يقيناً وإنْ كان واجباً نفسيّاً فوجوبه باق… وعليه، فيكون صغرىً للقسم الثاني من أقسام استصحاب الكلّي….
فعلى القول بعدم جريان الإستصحاب في القسم الثاني من أقسام الكلّي ـ لا في الفرد ولا في الكلّي ـ فالمرجع أصالة البراءة، وأمّا على القول بجريانه فيه ـ كما هو الصحيح ـ فهو أصل حاكم على البراءة، فكانت الصورة الثانية من صورتي المحقّق الخراساني تنقسم إلى صورتين، والحكم يختلف… وقد نبّه على هذا المحقّق الإيرواني(1).
(1) نهاية النهاية 1 / 158.