تعريف الكفاية و الكلام حوله:
فكان تعريفه له: إنّ الواجب النفسي: ما وجب لحسنه، والواجب الغيري: ما وجب للتوصّل إلى ما هو حسن بنفسه(1).
وما ذهب إليه وإنْ سلم من الإشكال الوارد على تعريف الشيخ، ولكنْ قد أورد عليه بوجوه:
الأول: إنّ أكثر الواجبات الشرعيّة غير متّصفة بالحسن العقلي حتّى يقال بأنّها قد وجبت لحسنها، فإن كان حسنها من أجل ترتّب المصلحة عليها، عاد إشكال كونها غيريّةً لا نفسيّة. فما ذكره ـ من أنّ الواجب النفسي ما وجب لحسن في نفسه ـ غير صادق على عمدة الأحكام الشرعيّة.
والثاني: كلّ شيء تعنون بعنوان، فإمّا يكون عنواناً ذاتيّاً له، وإمّا يكون عنوان عرضيّاً له، لكنّ كلّ ما بالعرض فلابدّ وأنْ ينتهي إلى ما بالذات… وحينئذ نقول:
إنّ العنوان الحسن بالذات عقلاً ليس إلاّ العدل، كما أنّ العنوان القبيح بالذات عقلاً هو الظلم، ولذا لا يزول الحسن عن العدل أبداً كما لا ينفصل القبح عن الظلم أبداً، بخلاف مثل حسن الصّدق وقبح الكذب كما هو معلوم، وعلى هذا، فلابدّ وأن ينتهي حسن الواجبات الشرعيّة إلى « العدل » فينحصر الواجب الشرعي بهذا العنوان فقط، ولا واجب آخر غيره، وهذا ما لا يلتزم به صاحب الكفاية.
والثالث: إنّه بناءً على ما ذكره من مقدوريّة الأغراض مع الواسطة، يلزم أنْ يجتمع عنوان « النفسية » وعنوان « الغيرية » في كلّ واجب من الواجبات. أمّا الأوّل، فلفرض وجود الحسن فيه. وأمّا الثاني، فلكونه مقدّمة لحصول الغرض منه، فلم يتمحضّ واجب من الواجبات الشرعيّة في النفسيّة.
ولورود هذه الإشكالات على تعريف المحقّق الخراساني، سلك المحقّقون المتأخّرون طرقاً أُخرى لدفع الإشكال الوارد على تعريف الشيخ.
(1) كفاية الأُصول: 108.