الطريق الخامس
قال المحقق العراقي(1): إذا تعلّق الأمر بأحد الشيئين أو الأشياء على وجه التخيير، فالمرجع فيه ـ كما عرفت ـ إلى وجوب كلّ واحد لكن بإيجاب ناقص، بنحو لا يقتضي إلاّ المنع عن بعض أنحاء تروكه وهو الترك في حال ترك البقية، من غير فرق في ذلك بين أن يكون هناك غرض واحد يقوم به كلّ واحد فرد ـ ولو بملاحظة ما هو القدر الجامع ـ أو أغراض متعددة، بحيث كان كلّ واحد تحت غرض مستقل وتكليف مستقل، وكان التخيير من جهة عدم إمكان الجمع بين الغرضين، إما للتضادّ بين متعلّقهما كما في المتزاحمين أو بين نفس الغرضين في عالم الوجود، بحيث لا يبقى مع استيفاء أحد الغرضين في الخارج مجال لاستيفاء الآخر، أو في مرحلة أصل الاتّصاف، بحيث مع تحقق أحد الموجودات واتّصافه بالمصلحة لا تتصف البقيّة بالغرض والمصلحة والحاصل: إن الواجب التخييري ما يكون وجوبه وجوباً ناقصاً.
قال الأُستاذ: لا فرق جوهري بين هذا الطريق وطريق المحقّق الإصفهاني، لأن الوجوب الناقص ـ في الحقيقة ـ هو الوجوب المشوب بجواز الترك.
نعم، بينهما فرق من جهة أنه على القول بالوجوبين المشوبين بجواز الترك، يكون العقاب المترتب في حال ترك كلّ الأطراف عقاباً واحداً، أمّا على قول المحقق العراقي، فقد صرّح بلزوم تعدّد العقاب في بعض الصّور، فهو يقول بأنه لو ترك الجميع وكان الغرض منها غرضاً واحداً يقوم بالجامع بينها، كان العقاب واحداً لا متعدّداً، وكذا لو كان لكلٍّ غرضٌ، لكن الغرضين كانا بحيث أنه مع تحقّق أحد الغرضين أو الأغراض ينتفي الغرض من غيره. أمّا لو كان لكلٍّ من الأطراف غرض مستقل تام فترك جميع الأطراف، فالعقاب متعدّد.
وبلحاظ هذا الفرق يصلح لأن يكون طريقاً آخر.
ويرد عليه أنّ تعدّد العقاب خلاف الضرورة الفقهيّة.
(1) نهاية الأفكار (1 ـ 2) 391 ـ 392.