التحقيق في اعتبار القدرة في صحّة التكليف
أمّا على القول الثالث، فمشكلة تصحيح العبادة المزاحمة منحلّة، لأنّه بناءً عليه يكون التكليف متعلّقاً بالطبيعة، وهو غير مشروط بالقدرة، فيصحُّ الإتيان بالفرد المزاحم بقصد الأمر، لأن انطباق الطبيعة عليه قهري والإجزاء عقلي.
وأمّا على القول باعتبار القدرة بحكم العقل فكذلك، لأنّ الطبيعة مقدورة بالقدرة على فرد مّا من أفرادها، فيصح الإتيان بالفرد المزاحم بقصد الأمر المتعلّق بالطبيعة.
وأمّا على القول باعتبارها باقتضاء نفس الخطاب، فالمشكلة باقية، لأنّ المتعلّق ـ بناءً عليه ـ هو الحصّة المقدورة من الطبيعة، لا الجامع بين المقدور وغير المقدور، فلا يصحّ الفرد المزاحم بالإتيان به بقصد الأمر، وتصل النوبة إلى قصد الملاك ـ وهو الطريق الثاني ـ.
لكنّ التحقيق عند الأُستاذ قابليّة الطبيعة لتعلّق الأمر وصحّة العبادة المزاحمة بقصد الأمر….
فلا فرق بين الآراء الثلاثة في حلّ المشكلة.
إلاّ أنّ الحق ـ عنده ـ بقاء المشكلة على حالها، لأنّه لا قدرة على الطبيعة في الأفراد الطوليّة في أوّل الوقت، فلابدّ من تصوير الواجب المعلّق، وعليه، فيكون الواجب بعد الفرد المزاحم، لأنّه ـ أي الفرد المزاحم ـ مقيّد بالزمان الآتي، فلا ينطبق الواجب عليه… فلا يمكن تصحيحه بقصد الأمر المتعلّق بالطبيعة، وتصل النوبة إلى طريق قصد الملاك أو طريق الأمر الترتّبي.
Menu