الوجه الثاني: إن مورد الخطاب الترتبي هو ما إذا كان خطاب المهم مترتّباً على عصيان الأمر بالأهم، وهذا لا يكون إلاّ فيما إذا لم يكن المهم ضروريّ الوجود عند عصيان الأمر بالأهم، كما هو الحال في الضدّين اللذين لهما ثالث. وأمّا الضدّان اللّذان لا ثالث لهما، ففرض عصيان الأمر بأحدهما هو فرض وجود الآخر لا محالة، فيكون البعث نحوه تحصيلاً للحاصل.
إشكال السيد الخوئي
فأشكل في التعليقة: بأنّ إدراج محلّ الكلام في الضدّين اللذين ليس لهما ثالث، غير مطابق للواقع، لأن المأمور به في الصّلاة إنما هي القراءة الجهريّة أو الإخفاتيّة، ومن الواضح أن لهما ثالثاً وهو ترك القراءة رأساً، فلا مانع من الأمر بهما في زمان واحد مشروطاً أحدهما بعصيان الآخر.
أجاب الأُستاذ
بأنّ ما ذكره خلاف ظواهر النصوص(1):
« عن أبي جعفر عليه السلام: لا يكتب من القراءة والدعاء إلاّ ما أسمع نفسه ».
« سألته عن قول اللّه: ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها )… المخافتة ما دون سمعك والجهر أن ترفع صوتك شديداً ».
« قلت لأبي عبداللّه عليه السلام: على الإمام أن يُسمع من خلفه وإنْ كثروا ؟ قال: ليقرأ قراءةً وسطاً ».
« الجهر بها رفع الصوت والتخافت ما لم تسمع نفسك ».
« الاجهار أن ترفع صوتك تسمعه من بُعد عنك، والإخفات أن لا تسمع من معك إلاّ يسيراً ».
فالمستفاد من النصوص ليس هو القراءة الجهريّة والإخفاتيّة، بل الواجب في الصّلاة هو الإجهار في القراءة والإخفات فيها… فالإشكال مندفع.
(1) وسائل الشيعة 6 / 96 ـ 98، الباب 33 من أبواب القراءة في الصّلاة.