الإشكال الثاني
إنه لا ريب في استحالة تعلّق الإرادتين التكوينيّتين العرضيين بالضدّين، وكذا الطوليّتان، بأن تكون احداهما مطلقة والأُخرى مشروطة، ووزان الإرادة التشريعيّة وزان الإرادة التكوينيّة، فإذا استحال الترتّب في التكوينيّة فهو في التشريعيّة كذلك.
والجواب: هو إنّ الإشكال يبتني على عدم الفرق بين الإرادتين في جميع الأحكام، لكن لا برهان على ذلك، بل هو على خلافه، لأن النسبة بين الإرادة والفعل في التكوينيّات نسبة العلّة التامّة إلى المعلول، ولا يعقل تصوير الترتّب هناك، بأن تكون علّة مطلقة وأُخرى مترتبة عليها، للزوم الخلف. أمّا في التشريعيّات، فإنّ الإرادة بالنسبة إلى الفعل من العبد ليست بعلّة تامّة بل هي مقتضيةٌ له، وأين الاقتضاء من العليّة التامّة ؟ إن العلّة التامّة لا حالة منتظرة لها، بخلاف المقتضي فإنّ شرط تأثيره اختيار العبد للامتثال، فلو لم يتحقّق بقيت الإرادة التشريعيّة في مرحلة الإقتضاء، وعليه، يصحّ وجود مقتضيين يكون مؤثريّة أحدهما في تحقّق الفعل متوقّفة على عدم مؤثريّة الآخر، كما تقدّم في تصوير المحقق الحائري للترتب، أو يكون أصل فعليّة أحدهما متوقفاً على عدم مؤثريّة الآخر، كما تقدّم في تصوير الترتب على مسلك الميرزا وهو المختار… فقياس الإرادة التشريعيّة على التكوينيّة قياس مع الفارق.
Menu