الأقوال في اعتبار القدرة في متعلّق التكليف
وقد تقدّم سابقاً: أنّ طريق المحقّق الثاني مبنيٌّ على أنّ اعتبار القدرة في متعلّق التكليف هو بحكم العقل، والكلام الآن حول هذا المبنى، فإنّ في المسألة أقوالاً ثلاثة:
فقيل: إنّ القدرة على المتعلّق غير معتبرة في صحّة التكليف، فللمولى تكليف العاجز، إلاّ أنّ المكلّف إن كان قادراً على الإمتثال فواجب، وإن كان عاجزاً فهو معذور.
وهذا رأي جماعة من المحقّقين، ومنهم السيد الخوئي.
وقيل: إنّ القدرة شرط في التكليف.
فقال المحقّق الثاني وجماعة: إنّها شرط بحكم العقل.
وقال الميرزا: هي شرط باقتضاء الخطاب.
والقائلون بأنّها بحكم العقل، اختلفوا بين قائل: بأنّ القدرة على فرد مّا من أفراد الطبيعة تكفي لصحّة الأمر بالطبيعة، وقائل: لا تكفي.
ومذهب المحقّق الثاني هو الكفاية.
قال الميرزا:
الصحيح إنّه باقتضاء التكليف لا بحكم العقل، وعليه، فكون الفرد المزاحم فرداً للمأمور به محال… وتوضيح ذلك هو:
إنّ التكليف جعل الداعي، وجميع التكاليف إنما تُنشأ لأجل أنْ يوجد الدّاعي للإمتثال عند المكلّف، والداعي يقتضي ـ بذاته ـ إمكان المدعوّ إليه عقلاً وشرعاً، لأنّ النسبة بينهما هي التضايف، فلمّا كان الداعي إمكانيّاً فالمدعوّ إليه كذلك، إذن، فمتعلّق التكليف هو الفرد المقدور، وأمّا غير المقدور فخارج عن التكليف، ويكفي عدم القدرة الشرعيّة، لأنّ الممتنع شرعاً كالممتنع عقلاً….
والحاصل: إنّ متعلّق التكليف هو غير الضدّ المزاحم.
Menu