اشكال السيد الخوئي
وقد أشكل عليه في ( المحاضرات ): بأن هذه النظرية خاطئة، لأنّ كلّ وجود ـ سواء كان جوهراً أو عرضاً ـ يتشخّص في الخارج بذاته، فلا يعقل أن يكون متشخّصاً بوجود آخر، لأن الوجود هو التشخص وتشخّص كلّ شيء بالوجود، فلا يعقل أن يكون تشخّصه بشيء آخر أو بوجود ثان وإلاّ لدار أو تسلسل، وعليه، فتشخّصه ـ بمقتضى قانون كلّ ما بالغير وجب أن ينتهي إلى ما بالذات ـ يكون بنفس ذاته، وهذا بخلاف الماهيّة فتشخّصها يكون بالوجود. وعليه، فإنّ الأمور المتلازمة مع الطبيعة خارجاً من الكم والكيف وغيرها، موجودات أُخرى في عرض وجود الطبيعة ومتشخّصات بنفس وجوداتها، وهي أفراد لطبائع مختلفة، فلا يعقل أن تكون مشخّصات لوجود الطبيعة، وعليه، ففي إطلاق المشخّصات للطبيعة عليها مسامحة واضحة.
( قال ) وبعد بيان ذلك نقول: إن تلك اللّوازم والأعراض كما أنها خارجة عن متعلّق الأمر على القول بتعلّقه بالطبيعة، كذلك هي خارجة عن متعلّقه على القول بتعلّقه بالفرد، بداهة أنه لم يقصد من القول بتعلّقه بالفرد تعلّقه بفرد مّا من هذه الطبيعة وفردمّا من الطبائع الأُخرى الملازمة لها في الوجود الخارجي كالغصب مثلاً.
( قال ) وكيف كان، فالعجب منه قدّس سرّه كيف غفل عن هذه النقطة الواضحة وهي: أن الأعراض واللوازم ليست متعلّقة للأمر على كلا القولين، ولكنك قد عرفت أن هذا مجرّد خيال لا واقع له، وإن مثل هذا الخيال من مثله غريب، لما سبق من أن تلك الأعراض لا تعقل أن تكون مشخّصات الوجود خارجاً، فإن تشخّص الوجود بنفسه لا بشيء آخر، بل إنها وجودات أُخرى في قبال ذلك الوجود وملازمة له في الخارج(1).
(1) محاضرات في أُصول الفقه 3 / 198.