إشكال المحقق الإصفهاني
وقد أشكل المحقق الإصفهاني(1) ـ وتبعه في ( المحاضرات )(2) و( المنتقى )(3) ـ بأنّ مستند مبنى المحقق الخراساني هو قاعدة أن الواحد لا يصدر إلاّ من الواحد، ولكنّها إنما تجري في الواحد الشخصي دون النوعي… وتوضيحه:
إن البرهان على تلك القاعدة هو: إنّ كلّ معلول حدّ ناقص للعلّة، وكلّ علّة فهو حدّ كامل للمعلول ( وقد وضع أهل الحكمة هذه القاعدة في باب صدور العقل الأوّل أو الفيض الأقدس من الباري عز وجلّ. لكنّ الحق جريانها في الفاعل الطبيعي. أمّا اللّه سبحانه وتعالى فيفعل ما يريد وكلّ الأشياء توجد بإرادته مع تكثرها… ) وعليه، فالمعلول موجود في رتبة وجود العلّة، كالحرارة الحاصلة من النار، فإنها موجودة في رتبة وجودها، وإلاّ يلزم الترجّح بلا مرجّح، فيقال: لماذا وجدت هذه الحرارة ولم توجد تلك الأُخرى… فإذا كان وجود المعلول ووجوبه واحداً، فلابدّ وأن تكون علّته كذلك، لأن العلّة إذا تعدّدت تعدّد وجود المعلول ووجوبه، والمفروض أنه واحد، والواحد لا يتعدّد.
هذه هي القاعدة.
فقال المحقق الإصفهاني: بأنها إنما تجري في الواحد الشخصي، أما النوعي، فيمكن فيه صدور الواحد عن الكثير مع الاختلاف في حقيقة الكثير، فإن الحرارة قد تحصل من النار وهي من الجواهر، وقد تحصل من العرض كالحركة، فقد صدر الواحد من الكثير… وأيضاً، فإنّ تحقق الأجناس بالفصول، إذ الفصل علّة لوجود الجنس كالناطقيّة بالنسبة إلى الإنسان، مع أن الناطقيّة مباينة للفصل الموجد لنوع الفرس مثلاً، فكانت المتباينات علةً لوجود الشيء الواحد وهو الجنس.
وتلخّص: إن ما ذهب إليه المحقق الخراساني من كون الجامع هو المتعلّق غير صحيح.
(1) نهاية الدراية 2 / 266.
(2) محاضرات في أُصول الفقه 3 / 216.
(3) منتقى الأُصول 2 / 485.