إشكال الأُستاذ
وقد أورد عليه الأُستاذ في ما ذكر في الشقّ الأخير، من أن عدم أحد الضدّين متمّم لقابليّة المحلّ للآخر وكونه قابلاً لأحدهما قابليّةً ذاتيةً: بأنّه إن كان المراد من « أحدهما » هو الأحد المردّد، فهذا غير معقول، لأنّ المردّد لا ذات له ولا وجود، فالمراد هو « الأحد » الواقعي. أي: إنّ الجدار قابلٌ للبياض وقابل للسّواد، لكنّ الإهمال في الواقعيّات محال، إذن، يكون قابلاً للبياض ـ مثلاً ـ إمّا بشرط وجود السّواد، وهذا محالٌ لاستلزامه اجتماع الضدّين، وإمّا لا بشرط وجود السّواد، وهذا أيضاً محالٌ، لأنّه يجتمع مع وجود السّواد فيلزم اجتماع الضدّين، ويبقى صورة بشرط لا عن وجود السواد، فكان عدم الضدّ شرطاً لوجود الضدّ ومقدمةً له.
وقد أجاب طاب ثراه في التعليقة: بأنّه لا يمكن أن تكون قابليّة المحلّ للبياض المشروط بعدم السّواد، لأنّ عدمه حين يكون شرطاً يكون مفروض الوجود ـ لأن كلّ شرط فهو مفروض الوجود للمشروط ـ فيكون المحلّ قابلاً للبياض المقيّد بعدم السواد، والحال أنّه قابل بالذات للبياض لا البياض المقيّد بعدم السّواد.
فقال الأُستاذ: وهذا لا يحلّ المشكلة، لأنّ عدم السّواد دخيلٌ في وجود البياض على كلّ حال، لأنّ البياض إمّا يكون مع وجود السّواد أو مع عدمه، فإن كان المحلّ قابلاً لكليهما فهذا محال، لأنّ القابليّة للمحال محال، وإن كان قابلاً للحصّة الكائنة مع عدم السّواد من البياض، لزم دخل عدم السّواد في تحصّص البياض وقابليّة المحلّ لتلك الحصّة، ودخله في ذلك ـ سواء قال بتقيّد البياض بعدم السّواد أو بأنّه مع عدم السواد ـ هي المشكلة….
فالبرهان المذكور لا يدلّ على عدم مقدميّة أو دخل عدم الضدّ في وجود الضدّ الآخر.
Menu