إشكال الأُستاذ
وقد أورد الشيخ الأُستاذ على هذا الوجه: بأنّ كلّ موضوع فهو بقيوده مقدّم رتبةً على الحكم، وكلّ حكم متأخّر عن موضوعه بالتأخّر الطبعي، فكان نسبة الموضوع إلى الحكم نسبة العلّة إلى المعلول، وإن كانت العلّة الواقعيّة هي إرادة المولى.
وأيضاً: فإنّ الرافع للشيء لابدّ وأن يكون متقدّماً على الشيء رتبةً، لأنه العلّة لعدمه، وإلاّ فلا يكون رافعاً له.
وأيضاً: فإنّ الإهمال في الموضوع وقيوده محال.
وبناءً على هذه المقدّمات نقول: إذا كان تغسيل الميّت واجباً على زيد أو عمرو كفايةً، وكان وجوبه على كلٍّ منهما مقيّداً بعدم كون الميت مغسّلاً بواسطة الآخر، كان الرافع للموضوع الموجب لانتفاء تكليف زيد، هو تغسيل عمرو، وحينئذ يتوجّه السؤال: هل كان تغسيل عمرو ـ الرافع لموضوع تكليف زيد ـ مهملاً، أي هو رافع له سواء كان المأمور به أو لا ؟ لا ريب في عدم الإهمال بل هو مقيّد بكونه غسلاً صحيحاً مطابقاً للأمر، إذن، كان موضوع الوجوب على كلٍّ من زيد وعمرو هو عدم كون الميت مغسّلاً بالغسل الصحيح بواسطة الآخر، فيكون الرافع للموضوع هو الغسل الصحيح، لكنّ قيد الصحّة للموضوع متأخّر رتبةً على الموضوع المتقدم رتبةً على الحكم.
ونتيجة ذلك هو: أن يكون وجوب التغسيل على زيد متأخّراً عن الموضوع ـ وهو عدم تغسيل عمرو الغسل الصحيح ـ بمرتبتين، وأن يكون وجوبه على عمرو متأخّراً عن الموضوع ـ وهو عدم تغسيل زيد له كذلك ـ بمرتبتين، فيجتمع التأخّر والتقدّم في وجوبه على زيد، وهو محال.
هذا كلّه أوّلاً.
وثانياً: إنه قد نصّ على وحدة الغرض، وفي نفس الوقت نصّ على تعدّد التكليف، فكيف يكون الغرض واحداً والمكلّف به واحداً، ـ وهو الدفن ـ والتكليف متعدّداً؟
Menu