اشكالات الكفاية
وقد أورد المحقّق الخراساني على نظريّة الفصول وجوهاً من الإشكال(1):
1 ـ إنّه تارةً: يكون بين المقدّمة وذيها واسطة اختياريّة. وأُخرى: تكون النسبة بينهما نسبة الفعل التوليدي إلى السبب التوليدي كالإلقاء في النار وحصول الاحتراق… ولازم مبنى الفصول خروج القسم الأوّل من المقدّمات من تحت قاعدة الملازمة بين وجوب المقدّمة ووجوب ذيها، والتالي باطل، فالمقدّم مثله. بيان الملازمة:
إنّ ترتّب ذي المقدّمة على المقدّمة في التوليديّات واضح، لأنّه بمجرّد الإلقاء في النار يحصل الاحتراق. أمّا في مثل الحج وغيره من الواجبات الشرعيّة، فلا يترتّب ذو المقدّمة حتّى بعد توفّر جميع المقدّمات، فقد يعصي المكلّف ولا يأتي بالواجب، فكيف يترتّب على تحقّق كلّ فرد من أفراد المقدّمات ؟
فقول صاحب الفصول بأنّه: لمّا كان الغرض هو ترتّب ذي المقدّمة، فالواجب من المقدّمة ما يترتّب عليه ذو المقدّمة، يستلزم خروج جميع الأفعال الاختيارية، وهذا باطل قطعاً.
ثمّ ذكر اعتراضاً على هذا الاشكال وأجاب عنه.
2 ـ إنّه لو كان ترتّب ذي المقدّمة على المقدّمة شرطاً في وجوبها، لما كان الأمر الغيري المتعلّق بالمقدّمة ساقطاً بمجرّد الإتيان بها، والحال أنّه يسقط ويكشف ذلك عن تحقّق الغرض منه، وذلك يكشف عن أنّه ليس وجوب المقدّمة مشروطاً بترتّب ذي المقدّمة عليها، بل الغرض هو التمكّن من ذي المقدّمة، إذ لو كان الترتّب فالمفروض عدم حصوله فكيف سقط الأمر ؟
وتعرّض المحقّق الخراساني لاعتراض على هذا الإشكال وأجاب عنه، وحاصل الإعتراض هو: أنّ سقوط الأمر لا يكشف دائماً عن تحقّق الامتثال وحصول الغرض منه، فقد يسقط الأمر بانتفاء الموضوع، كما لو قال أكرم العالم فمات العالم، وقد يسقط بالعصيان، وقد يسقط بقيام الغير بالعمل، كما لو أُمر بدفن ميّت، فقام غيره بذلك.
فأجاب: بعدم تحقّق شيء من المسقطات في المقام إلاّ الامتثال، أمّا الموضوع، فالمفروض تحقّقه من قبل المكلّف لا تفويته، وكذا المعصية، فإنّها غير حاصلة، وكذا قيام الغير بالفعل.
3 ـ إنّ مراده من المقدّمة الموصلة هو الذات التي يترتّب عليها وجود ذي المقدّمة، فيكون وجوبها مقيّداً ومشروطاً بالموصليّة، لكنّ المقيّد هو ذو المقدّمة، فيكون مقدّمة، فاجتمع في ذي المقدّمة وجوبان: الوجوب النفسي لكونه ذا المقدّمة، والوجوب الغيري لكونه مقدمةً لحصول المقدّمة الموصلة، وهذا محال.
(1) كفاية الأُصول: 115.