رأي الإصفهاني في الصيغ الإنشائية وحمله كلام الكفاية عليه
وخالف المحقّق الإصفهاني قدّس سرّه(1)، وذكر أنّ ما ذهب إليه المحقق الخراساني من كون اللّفظ في الصّيغ الإنشائيّة موجداً للمعنى، غير معقول، فقال في مقام الإشكال عليه ما توضيحه:
إنّه لا يتصوّر لأيّ معنىً من المعاني إلاّ نحوان من الوجود، فهو إمّا وجود بالذات، وإمّا وجود بالجعل والإعتبار.
والأوّل: إمّا الوجود الذهني، وإمّا الوجود الخارجي الواقعي، لكنّ إيجاد المعنى في عالم الذهن لا يمكن بسبب اللّفظ، بل العلّة للوجود الذهني هو التصوّر فقط، وكذلك إيجاده في الخارج، لأنّ الوجود الخارجي معلولٌ لعلّته، فإنْ وجدت وجد وإلاّ فلا.
والثاني: فإنَّ الوجود الجعلي عبارة عن وجود المعنى بوجود اللّفظ، فاللّفظ يكون وجوداً للمعنى في عالم الإعتبار، وهو كما يكون باللّفظ يكون بالكتابة أيضاً.
فما ذهب إليه المحقق الخراساني غير صحيح، إذ لا يعقل إيجاد المعنى باللّفظ لا ذهناً ولا خارجاً.
بل المعقول والمتصوَّر هو أنّا نوجد المعنى وجوداً جعليّاً، أيْ نعتبر وجود اللّفظ وجوداً له، لا أنّ اللّفظ يكون واسطةً وسبباً لوجود المعنى كما قال المحقّق الخراساني، ففي الحقيقة لمّا نقول: «إفعل» فهو من مقولة الكيف المسموع، فإذا تلفّظنا به وجد في الخارج بوجود بالذات، وتكون هذه الصيغة وجوداً جعليّاً اعتباريّاً للبعث والطلب، لا أن الطلب والبعث يوجد بتوسّط هذا اللّفظ وهذه الصيغة.
قال: فهذه حقيقة الإنشاء، ولابدّ أنْ يحمل عليه كلام المحقّق الخراساني.
(1) نهاية الدراية 1/274 ـ 275.