وللمحقّق العراقي تقريب آخر(1). قال:
إن الوجوب عبارة عن نفس الطلب المعبَّر عنه بالطّلب التام، وهو غير محدود بحدّ، بخلاف الندب، فإنه محدود بحدّ النقص، فالندب محتاج إلى بيان زائد، وحيث لا بيان، فمقتضى الإطلاق هو الوجوب.
قال الاستاذ: وفيه:
أوّلا: إنّه سواء كان الإرادة، أو الفعل النفساني، أو الطلب الإنشائي، أو الطلب الإعتباري، فهو ـ بأيّ معنىً أخذ ـ محدود.
وثانياً: إن المفروض وضع الهيئة لنفس الطلب، لا الطلب غير المحدود ـ بأن يكون عدم المحدوديّة داخلا في المفهوم ـ فلا مرتبة في مفهومه، وعليه، فكما أن المرتبة النازلة من الطلب محتاجة إلى البيان، كذلك المرتبة العالية.
هذا، وإلى ما ذكر من الكلمات يرجع كلام مثل الشيخ اليزدي الحائري(2) القائل بأنّ الندب عبارة عن الإرادة مع الإذن في الترك، والوجوب هو الإرادة بلا إذن في الترك… فإنّه بعد إرجاعه إلى ما تقدّم يرد عليه ما ورد عليه، وإلاّ فظاهر كلامه غير صحيح، لأن الإرادة من الامور التكوينية، والوجوب والندب من الأمور الإعتباريّة التشريعيّة.
وأيضاً، فالإرادة من مقدّمات الطلب وليست نفس الطلب.
وتلخّص: عدم تمامية الاستدلال ـ لدلالة الصيغة على الوجوب ـ بالآية والرواية وبالعقل وبالتبادر وبالظهور الإطلاقي.
(1) نهاية الأفكار 1/162 ـ 163.
(2) درر الأصول 1/74.