4 ـ تصوير الشيخ الحائري و السيد البروجردي
وبعد الفراغ عن صور الجامع البسيط الماهوي ، والجامع البسيط الوجودي ، والجامع الذاتي التركيبي ، تصل النوبة إلى الجامع العَرَضي ، وهو تصوير جماعة منهم : الشيخ الحائري والسيد البروجردي ، غير أنّ الأول جعله « التعظيم » والثاني : « التخشّع » .
قال السيد البروجردي(1) بعد ما نصَّ على أن لا سبيل لتصوير الجامع الذاتي أصلا ـ :
وأمّا الجامع العرضي … الذي يخطر ببالنا : إنّ حال المركّبات العباديّة كالصلاة والصوم والزكاة وأمثال ذلك ، حال المركّبات التّحليلية ، كالإنسان ونظائره ، فكما أنّ الإنسان محفوظ في جميع أطوار أفراده ، زادت خصوصيّة من الخصوصيّات أو نقصت ، كان في أقصى مراتب الكمال أو حضيض النقص ، وذلك لأن شيئيّة الشيء بصورته لا بنقصانه ولا بكماله ، كذلك حال المركّبات الإعتبارية العباديّة ، بمعنى أنه يمكن اعتبار صورة واحدة يمتاز بها كلّ واحد من هذه المركّبات عن غيرها ، وتكون تلك الصّورة ما به الإجتماع لتمام الأفراد وجميع المراتب ، وما به الإمتياز عن غيرها ، وتكون محفوظةً في جميع المراحل والمراتب ، وإنْ كان في غاية الضعف ، مثل صلاة الغريق والعاجز ، أو في منتهى الكمال مثل صلاة الكامل المختار الواجدة لجميع الأجزاء والشرائط ، إذ بعد فرض ما به شيئية هذه المركبات الإعتباريّة ، فكلّما كان هذا موجوداً فأصل الشيء كان موجوداً لا محالة .
وهذا الشيء ـ على ما يؤدّي إليه النظر ـ هو التخشّع الخاص في الصلاة ، فإنّ التخشّع الخاص هو الذي يكون محصّل شيئية الصّلاة ، وبه تصير الصلاة صلاةً ، وهو محفوظ في جميع أفراد الصلاة ومراتبها المختلفة ، وهذا هو المناسب لمقام عبوديّة العبد بالنسبة إلى مولاه .
وأمّا في سائر المركّبات ، فيمكن أيضاً افتراض جامع من قبيل ما فرضناه في الصلاة ، على حسب الخصوصيّات والمقامات . ولعلّ هذا هو المراد من الوجه الثالث الذي استدلّ به القائلون بالأعم ، إلاّ أن تمثيلهم بالأعلام الشخصيّة مما لا يناسب هذا الكلام .
وحاصل هذا الوجه :
إن الجامع عرضي لا ذاتي ، وهو « التخشّع » ، وهو يتّحد مع جميع المراتب والحالات ، ونسبته إلى الأجزاء نسبة الصّورة إلى المادّة ، نظير إنسانيّة الإنسان الموجودة معه في جميع الأحوال والأطوار .
(1) الحجة في الفقه : 57.